ومصالح، وهي أن تكون مبدأ لوجود الإنسان، وسببًا لمعاشه، ودليلاً يقوده إلى تحصيل معرفتنا التي هي الغاية القصوى، وكل شيء فهو إمّا مظهر لطفه تعالى، أو قهره، وفي كل ذرّة سرّ عجيب.
قال الكرماني: "اللعب: فعلٌ يدعو إليه الجهل، يروق أوله، ولا ثبات له، وإنما خلقناهما لنجازي المحسن والمسيء، وليستدل بهما على وحدانيته، والقدرة" انتهى.
أي (?): لم نخلقما عبثًا، ولا باطلًا، بل للتنبيه على أن لهما خالقاً قادرًا يجب امتثال أمره. وفيه إشارة إجمالية إلى تكوين العالم. والمراد بـ {ما بينهما} سائر المخلوقات الكائنة بين السماء والأرض، على اختلاف أنواعها، وتباين أجناسها من الهواء والسحاب والرياح. والمعنى؛ أي: وما خلقنا هذا السقف المرفوع، وهذا المهاد الموضوع، وما بينهما من أصناف المخلوقات البديعة للهو واللعب، بل خلقناهما لفوائد دينية، وحكم ربّانية، كأن تكون دليلًا على معرفة الخالق لها، ووسيلة للعظة والاعتبار، إلى ما فيها من منافع أخرى لا حصر لها.
وخلاصة ذلك (?): أن إيجاد العالم كله، ولا سيما النوع الإنساني، واستخلافه في الأرض، مبني على بديع الحكم، مستتبع لغايات جليلة لا تخفى على ذوي الألباب، وقد علم بعضها من أمعنوا النظر في الكون وعجائبه، وأوتوا حظًّا من صادق المعرفة، فعرفوا بعض أسراره، وانتفعوا ببعض ما أودع في باطن الأرض، وما على ظاهر سطحها مما كان سببًا في رقيّ الإنسان، ولا يزال العلم يؤكد لنا كل يوم عجيبًا، ويظهر لنا من كنوزها غريبًا {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} ونحو الآية قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)}
17 - ثم أكّد نفي اللعب بقوله: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} أي (?) ما يتلهّى ويلعب به