وقيل معناه: خُلِقَتْ غُلفًا لا تتدبَّر ولا تعتبر. وقيل: محجوبةٌ عن سماع ما تقُول، وفهمِ ما تُبيِّن، ويحتمل على هذه القراءة أن يكون قولهم هذا على سبيل البَهْتِ والمدافعة حتى يُسْكِتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون ذلك خبرًا منهم بحال قلوبهم؛ لأن الأوّل فيه ذَمُّ أنفسهم بما ليس فيها، وكانوا يدفعون بغير ذلك، وأسباب الدفع كثيرةٌ.
وأمّا من قرأ بضمّ اللام (?)، فمعناه: أنّها أوعيةٌ للعلم، أقاموا العلم مقام شيءٍ مجسَّدٍ، وجعلوا الموانع التي يمنعهم غلفًا له؛ ليستدلّ بالمحسوس على المعقول، ويحتمل أن يريدوا بذلك أنَّها أوعية للعلم، فلو كان ما تقوله حقًّا وصدقًا لوَعَتْهُ، قاله ابن عباس، وقتادة، والسدي، ويحتمل أنّ يكون المعنى: أنَّ قلوبنا غُلُفٌ؛ أي: مملوءة علمًا فلا تسع شيئًا، ولا تحتاجُ إلى علمٍ غيرِه، فإنَّ الشيء المغلق لا يسع غلافه غيره، ويحتمل أن يكون المعنى: إنّ قلوبهم غُلْفٌ على ما فيها من دينهم وشريعتهم واعتقادهم؛ أي: أنَّ دوامَ ملَّتهم إلى يوم القيامة، وهي لصلابتها، وقوَّتها، تمنع أن يصل إليها غير ما فيها، كالغلاف الذي يَصُونُ المُغَلَّف أن يصل إليه ما يغيِّره. وقيل المعنى: كالغلاف الخالي الذي لا شيء فيه. اهـ. من "البحر".
والغرض (?): إقناطه - صلى الله عليه وسلم - من إيمانهم، رَدَّ الله تعالى أن تكون قلوبهم مخلوقةً كذلك؛ لأنها خلقت على الفطرة، والتمكُّن من قبول الحق، وأضرب وقال: {بَلْ لَعَنَهُمُ} وطردهم وأبعدهم {اللَّهُ} سبحانه وتعالى عن رحمته {بِكُفْرِهِمْ}؛ أي: بسبب كفرهم وضلالهم: أي: ليس عدم قبولهم لخللٍ في قلوبهم، ولكنَّ الله سبحانه أبعدهم عن رحمته، وخَذلَهم، وخلَّاهُم وشَأنَهم بسبب كفرهم العارض، وإبطالهم لاستعدادهم بسوءِ اختيارهم بالمرَّةِ. وقال أبو حيَّانْ و {بَلْ} هنا (?) للإضراب الإبطاليّ عن النسبة التي تضمَّنها قولهم: إنّ قلوبهم غُلفٌ، وليس