عن هذه السبع، فقد أغلق سبعة أبواب جهنم، ودخل الجنّة. وأوصى إبراهيم بن أدهم بعض أصحابه، فقال: كُنْ ذَنَبًا ولا تكن رأسًا، فإنَّ الرأس يهلك، والذنب يسلم. ومعنى قوله: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ ...} إلخ؛ أي: أَبَلَغَ (?) الأمر بكم أنَّكم كُلَّما جاءكم رسولٌ من رسلي بغير الذي تهوى نفوسكم أعرضتم، فاستكبرتم عليه تجبُّرًا وبغيًا في الأرض، فبعضًا منهم تكذِّبون، وبعضًا تقتلون، فلا عجب بعد هذا إن لم تؤمنوا بدعوة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ العناد والجحود من طبعكم، وسجيَّةٌ عرفت عنكم، ولا غرابة في صدور ما صدر منكم. قال ابن عطيّة: روي أنَّ بني إسرائيل كانوا يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبي، ثم تقوم سُوقهُم آخرَ النهار. وروي: قتلوا سبعين نبيًّا، ثمّ تقوم سُوقُ بَقْلِهم آخرَ النهار، فضلًا عن سوق الأقمشة النفيسة.
88 - ثُمَّ أخبر سبحانه وتعالى عن اليهود المعاصرين لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبين ضلالهم في اقتدائهم بأسلافهم، فقال حكايةً عنهم: {وَقَالُوا}؛ أي: اليهود المعاصرون لمحمد - صلى الله عليه وسلم - {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} جمع أغلف، كحمر جمع أحمر، مستعارٌ من الأغلف الذي لم يختن؛ أي: قلوبنا مغشّاة مغطّاة بأغشيةٍ جِبِليَّةٍ، وأغطية خِلْقية لا يكاد يصل إليها ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا تفقهُهُ، ولا تفهمُهُ. وقرأ الجمهور (?) {غُلْفٌ} بإسكان اللام، واختلف في سكون اللام، أهو سكونٌ أصليٌّ، فيكون جمع أغلف، كحمر وأحمر؟ أم هو سكون تخفيف، فيكون جمع غلاف؟ وأصله: الضُمُّ، كحمار وحمر. وقرأ ابن عباس، والأعرج، وابن هرمز، وابن محيصن {غُلُف} بضمّ اللام وهي مرويّةٌ عن أبي عمرو - وليست في المتواتر عنه - وهو جمع غلاف، ولا يجوز أن يكون في هذه القراءة جمع أغلف؛ لأنّ تثقيل فُعَّل الصحيح العين لا يجوز إلّا في الشعر، يقال: غلفت السيف، جعلت فيه غلافًا، وأمّا من قرأ {غُلْفٌ} بالإسكان، فمعناه: أنَّها مستورة عن الفهم والتمييز، وقال مجاهد؛ أي: عليها غشاوة. وقال عكرمة: عليها طابعٌ. وقال الزجاج: ذوات غلفٍ؛ أي: عليها غُلْفٌ لا تصل إليها الموعظة.