مع حاجتنا، وليس لنا في إصلاح الجدار فائدة، فهو من فضول العمل.

قال بعضهم (?): لما قال له: {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} .. قال الخضر: أليس كنت في البحر ولم تغرق بغير سفينة، ولما قال: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} .. قال أليس قتلت القبطي بغير ذنب، ولما قال: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} قال: أنسيت سقياك لبنات شعيب من غير أجرة، وهذا من باب لطائف المحاورات.

قال بعضهم (?): إن قلت: كيف جوز موسى طلب الأجر بمقابلة العمل الذي حصل بمجرد الإشارة، وهو من طريق خرق العادة الذي لا مؤنة فيه؟

قلت: لم ينظر إلى جانب الأسباب، وإنما نظر إلى النفع العائد إلى جانب أصحاب الجدار، ألا ترى أنه جوز أخذ الأجرة بمقابلة الرقية بسورة الفاتحة ونحوها، وهو ليس من قبيل طلب الأجر على الدعوة، فإنه لا يجوز للنبي أن يطلب أجرًا من قومه على دعوته وإرشاده، كما أشير إليه في مواضع كثيرة من القرآن.

والمعنى (?): أي قال موسى ذلك تحريضًا للخضر، وحثًا له على أخذ الجعل - الأجر - على فعله، لإنفاقه في ثمن الطعام والشراب وسائر مهام المعيشة.

وقرأ الجمهور (?): {يَنْقَضَّ}، أي: يسقط، من انقضاض الطائر، ووزنه انفعل، نحو انجر، قال صاحب "اللوامح": من الفضة وهي الحصى الصغار، ومنه طعام قضض، إذا كان فيه حصى، فعلى هذا يريد أن ينقض؛ أي: يتفتت فيصير حصاة. انتهى. وقيل: وزنه افعل كاحمر، وقرأ أبي {أَنْ يَنْقَضَّ} بضم الياء وفتح القاف والضاد، مبنيًا للمفعول من نقضته، وهي مروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفي حرف عبد الله وقراءة الأعمش {يُرِيدُ لِيَنْقَضَّ} كذلك، إلا أنه منصوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015