الاتباع، والفاء لتفريع الشرطية، على ما مر من التزامه للصبر والطاعة. {فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} تشاهده من أفعالي وتنكره مني في نفسك؛ أي: تفاتحني بالسؤال عن حكمته، فضلا عن المناقشة والاعتراض، {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}؛ أي: حتى أبتدىء لك ببيانه، وفيه إيذان بأن كل ما صدر منه فله حكمة، وغاية حميدة ألبتة، وهذا من آداب المتعلم مع العالم، والتابع مع المتبوع، وهذه (?) الجمل المعنونة بـ {قال} و {قال}: مستأنفة، لأنها جوابات عن سؤالات مقدرة، كل واحدة ينشأ السؤال عنها مما قبلها.
والمعنى: أي قال له الخضر: إن سرت معي فلا تفاتحن في شيء أنكرته علي حتى أبتدىء بذكره، فأبين لك وجه صوابه، فإني لا أقدم على شيء إلا وهو صواب جائز في نفس الأمر، وإن كان ظاهره غير ذلك، فقبل موسى شرطه، رعاية لأدب المتعلم مع العالم.
وقرأ ابن كثير (?)، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي {فَلا تَسْئَلْنِي} ساكنة اللام مخففة النون، وقرأ نافع، وابن عامر، {فلا تسألني} مفتوحة اللام مشددة النون، قال أبو علي: كلهم بياء في الحالين. انتهى. وقرأ ابن عامر، في رواية الداجونيّ {فلا تسألنّ عن شيء} بتحريك اللام من غير ياء، والنون مكسورة مشددة.
71 - والفاء في قوله: {فَانْطَلَقا} فاء الفصيحة، كما في «روح البيان»؛ أي: ذهب موسى والخضر عليهما السلام على ساحل البحر، يطلبان السفينة، وأمّا يوشع فقد صرفه موسى إلى بني إسرائيل، أو كان معهما، وإنما لم يذكر في الآية لأنه تابع لموسى، فاكتفى بذكر المتبوع من التابع، فالمقصود ذكر موسى والخضر، فمرت بهم سفينة، فكلموهم أن يحملوهم، فحملوهم. {حَتَّى إِذا رَكِبا}؛ أي: دخلا {فِي السَّفِينَةِ} والألف واللام {فِي السَّفِينَةِ} لتعريف الجنس إذ لم يتقدم عهدٌ في