[69]

[70]

بالشيء، والخبير بالأمور: هو العالم بخفاياها، وبما يحتاج إلى الاختبار منها، والاستفهام فيه إنكاري، بمعنى النفي، وقرأ الحسن، وابن هرمز {خبرا} بضم الباء؛ أي: وكيف (?) تصبر وأنت نبي على ما أتولى من أمور، ظواهرها منكرة، وبواطنها مجهولة، والرجل الصالح العالم لا يتمالك أن يصبر إذا رأى ذلك، بل يبادر بالإنكار،

69 - {قالَ} موسى للخضر {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {صابِرًا} معك ملتزمًا طاعتك، {وَ} ستجدني {لا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}؛ أي: لا أخالف أمرًا لك تأمرني به غير مخالف لظاهر أمر الله وشرعه، فجملة: {وَلا أَعْصِي} معطوفة على {صابِرًا} فيكون التقييد بقوله: {إِنْ شاءَ اللَّهُ} شاملًا للصبر ونفي المعصية، كما أشرنا إليه في الحل؛ أي: ستجدني صابرًا وغير عاص؛ أي: لا أخالفك في شيء، ولا أترك أمرك فيما أمرتني به.

وتعليق الوعد بالمشيئة (?): إما طلبًا لتوفيقه في الصبر ومعونته، أو تيمنًا به، أو علما منه بشدة الأمر وصعوبته، فإن الصّبر من مثله عند مشاهدة الفساد شديد جدّا، لا يكون إلا بتأييد الله تعالى.

وقيل: إنما استثنى؛ لأنه لم يكن على ثقة فيما التزم من الصبر، وهذه عادة الصالحين، فإن قلت ما معنى قول موسى للخضر: {سَتَجِدُنِي} الآية، ولم يصبر، وقول إسماعيل عليه السلام: {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} فصبر؟ قال بعض العلماء: لأن موسى جاء صحبة الخضر بصورة التعلم، والمتعلم لا يصبر إذا رأى شيئًا حتى يفهمه، بل يعترض على أستاذه كما هو دأب المتعلمين، وإسماعيل لم يكن كذلك، بل كان في معرض التسليم والتفويض إلى الله تعالى، وكلاهما في مقامهما واقفان، وقيل: كان موسى في مقام الغيرة والحدة، والذبيح في مقام الحكم والصبر، قال بعض العارفين: قال الذبيح من الصابرين: أدخل نفسه في عداد الصابرين، فدخل، وموسى عليه السلام تفرد بنفسه، وقال: صابرًا، فخرج، والتفويض من التفرد أسلم وأوفق لتحصيل المقام ووصول المرام.

70 - {قالَ} الخضر لموسى: {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي}؛ أي: فإن صحبتني لأخذ العلم، وهو إذن له في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015