موسى بني إسرائيل، قال: نعم، والخضر (?) - بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد - لقبه، وسبب تلقيبه بذلك. ما جاء في «الصحيح» أنه عليه السلام قال: «إنّما سمي الخضر؛ لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء» الفروة وجه الأرض اليابسة، وقيل: النّبات اليابس المجتمع، والبيضاء الأرض الفارغة التي لا غرس فيها؛ لأنها تكون بيضاء، واهتزاز النبات تحركه وكنيته أبو العباس، واسمه بليا، - بباء موحدة مفتوحة، ثمّ لام ساكنة، ثمّ مثناة تحتية - ابن ملكان - بفتح الميم وإسكان اللام - ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد، بن سام، بن نوح عليه السلام، وكان ابن ملك من الملوك، فأراد أبوه أن يستخلفه من بعده، فلم يقبل، وهرب منه، ولحق بجزائر البحر، فلم يقدر عليه، وكان أبوه من الرّوم، وأمه من فارس، واسمها ألها، وقيل: أمه رومية، وأبوه فارسي، والله أعلم.
وروي (?): أنهما وجدا الخضر، وهو نائم على وجه الماء، وهو مغطى بثوب أبيض، أو أخضر، طرفه تحت رجليه، والآخر تحت رأسه، فسلم عليه موسى، فرفع رأسه واستوى جالسا، وقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل، فقال له موسى: ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل؟ فقال: الذي أدراك بي، ودلك علي. والصحيح أن الخضر نبيٌّ، وذهب الجمهور إلى أنه حيٌّ إلى يوم القيامة، لشربه من ماء الحياة. والله أعلم.
{آتَيْناهُ}؛ أي: أعطيناه {رَحْمَةً}؛ أي: نبوة ووحيا كائنة {مِنْ عِنْدِنا} وفضلنا، كما يشعر به تنكير الرحمة واختصاصه بجناب الكبرياء، وقال الإمام مسلم: إن النبوة رحمةٌ كما في قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} ونحوه، ولكن لا يلزم أن تكون الرحمة نبوةً، فالرحمة هنا: هي طول العمر على قول من ذهب إلى عدم نبوته، وقيل: الرحمة: النعمة التي أنعم الله بها عليه {وَعَلَّمْناهُ}؛ أي: علمنا ذلك العبد {مِنْ لَدُنَّا}؛ أي: من جنابنا، {عِلْمًا} خاصًّا حاصلًا له