بلا واسطة معلم، ولا إرشاد مرشد، وهو: ما علمه الله سبحانه من علم الغيوب والإخبار عنها بإذنه تعالى، على ما ذهب إليه ابن عباس - رضي الله عنهما - أو علم الباطن.
قال السمرقندي (?): إنما قال: {مِنْ لَدُنَّا} مع أن العلوم كلها من لدنه، لأن بعضها بواسطة تعليم الخلق، فلا يسمى ذلك علمًا لدنيًا، بل العلم اللدني: هو الذي ينزله في القلب من غير واسطة أحد، ولا سبب مألوف من خارج، كما كان لعمر، وعليٍّ، ولكثير من أولياء الله المرتضين، الذين فاقوا بالشوق والزهد على كل من سواهم.
قال الزجاج (?): وفيما فعل موسى، وهو من أجلّة الأنبياء، من طلب العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم، وإن كان قد بلغ نهايته، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه، ولذا ورد: أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.
66 - ثم قص سبحانه ما دار بين موسى والخضر، بعد اجتماعهما فقال: {قالَ لَهُ}؛ أي: لذلك العبد {مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ} كلام (?) مستأنف مبني على سؤال نشأ من السياق، كأنه قيل: فماذا جرى بينهما من الكلام بعد اجتماعهما؟ فقيل: قال له موسى؛ أي: للخضر عليهما السلام {هَلْ أَتَّبِعُكَ}؛ أي: هل أصحبك، والاستفهام فيه للاستئذان {عَلى} شرط {أَنْ تُعَلِّمَنِ} وهو في موضع الحال من الكاف، وهو استئذان منه في اتباعه له على وجه التعليم، ويكفيك دليلا في شرف الاتباع. {مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}؛ أي: على شرط أن تعلّمني علمًا ذا رشد وإصابة، أرشد به في ديني، كائنًا مما علمك الله سبحانه وتعالى، وفي هذا (?) السؤال ملاطفة، ومبالغة في حسن الأدب؛ لأنه استأذنه أن يكون تابعًا له، على أن يعلمه مما علمه الله تعالى من العلم، قال الإمام: والآية تدل على أن موسى راعى