عمرو، والكسائي، ونافع، وأما الوقف .. فالأكثر فيه طرح الياء اتباعًا لرسم المصحف، وأثبتها في الحالين ابن كثير، {فَارْتَدَّا}؛ أي: رجع موسى وفتاه من ذلك الموضع، وهو (?) طرف نهر ينصب إلى البحر، {عَلى آثارِهِما}؛ أي: على أعقابهما، وطريقهما الذي جاء منه، والآثار: الأعلام جمع أثر، وإثر، يقال: خرج في أثره، وفي إثره، أي: بعده وعقبه حالة كونهما يقصان {قَصَصًا} فهو مصدر فعل محذوف؛ أي: يتبعان آثارهما اتباعًا، ويتفحصان تفحصًا، حتى أتيا الصخرة التي حيي الحوت عندها، وسقط في البحر، واتخذ سبيله سربًا، قال البقاعي: إن هذا يدل على أن الأرض كانت رملًا لا علامة فيها.
وخلاصة ما تقدم (?): أنه تعالى بيّن لموسى عليه السلام: أن موضع هذا العالم مجمع البحرين، وأن علامة وجوده في المكان المعين انقلاب الحوت الميت الذي في المكتل حيًا، فلما بلغا مجمع البحرين، اضطرب الحوت فيه، ووثب في الماء، وقد أمسك الله إجراء الماء على البحر، وجعله كالطاق أو الكوة، حتى سرى الحوت فيه، فلما جاوز موسى، وفتاه المكان المعين، وهو الصخرة بسبب النسيان، وسارا كثيرًا، وتعبا وجاعا .. قال موسى لفتاه: {آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَبًا}، قال الفتى: أرأيت ما وقع لي من الحوت حين لجأنا إلى الصخرة، فاتخذ سبيله في البحر اتخاذًا عجبًا، إذا انقلب من المكتل، وصار حيًا، وألقى نفسه في البحر على غفلة منّي، وإنّي نسيت أن أبلغك خبره، وما أنساني ذكره إلا الشيطان، قال موسى: ذلك الذي كنا نطلبه، لأنه أمارة الظفر بالمطلوب، وهو لقاء الخضر، فرجعا في طريقهما الأولى، إذ علما أنهما تجاوزا الموضع الذي يقيم فيه ذلك العالم
65 - {فَوَجَدا}؛ أي: فوجد موسى وفتاه عند الصخرة حين رجعا إليها {عَبْدًا} التنكير للتفخيم، {مِنْ عِبادِنا} الإضافة للتشريف، وهو الخضر، وكان مسجّى بثوب أبيض، فسلّم عليه موسى، وعرّفه نفسه، فقال الخضر: وأنّى بأرضك السلام، فقال: أنا موسى. قال: