الفرَّاء. وقيل معناه: لا يعلمون إلّا تلاوةً؛ أي: لا يعلمون فقه الكتاب، ومعناه: إنّما يقتصرون على ما يسمعونه يتلى عليهم. قال أبو مسلم: حمله على تمنِّي القلب أولى؛ لقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ}.
وقرأ الجمهور (?): {أَمَانِيَّ} بالتشديد. وقرأ أبو جعفر، وشيبة، والأعرج، وابن جمَّاز عن نافع، وهارون عن أبي عمرو: {أَمَانِيَّ} بالتخفيف، جمعه على أفاعل، ولم يعتدَّ بحرف المدّ الذي في المفرد. قال أبو حاتم: كُلُّ ما جاء من هذا النحو واحده مشددٌ فلك فيه التشديد والتخفيف، مثل: أثافي، وأغاني، وأماني، ونحوها. قال الأخفش: هذا كما يقال: في جمع مفتاح مفاتيح ومفاتح. وقال النحَّاس: الحذف في المعتل أكثر، كما قال:
وَهَلْ رَجَّعَ التَّسْلِيمَ أوْ يَكْشِفُ العَمَى ... ثَلاثُ الأثافِي والرُّسُومُ البَلاقِعُ
{وَإِنْ هُمْ} (?)؛ أي: وما هم في جحد نبوّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وغيره ممَّا يختلقونه {إِلَّا يَظُنُّونَ} أي: إلّا ظانُّون ظنًّا وتوهُّمًا لا أصل له فيجحدون نبوته بالظنّ، وليسوا على يقين، إلّا ما سمعوا من المحرِّفين أحبارهم، والمعنى؛ أي: ما هم إلّا قومٌ قصارى أمرهم الظنُّ والتقليد من غير أن يصلوا إلى مرتبة العلم، فأنَّى يُرْجَى منهم الإيمان المُؤسَّس على قواعد اليقين.
قال أبو حيان: و {إِنْ} (?) هنا هي: النافية بمعنى ما، و {هُمْ} مرفوع بالابتداء، و {إِلَّا يَظُنُّونَ} في موضع الخبر وهو من الاستثناء المفرَّغ، وإذا كانت إن نافية فدخلت على المبتدأ والخبر لم تعمل عمل ما الحجازيّة؛ لانتقاض نفيها هنا بإلا الاستثنائيّة، ومن أجاز شَرَطَ نَفْيَ الخبرِ وتأخيرَهُ، والصحيح أنّه لا يجوز إعمالها؛ لأنّه لم يحفظ من ذلك إلا بيتٌ نادرٌ، وهو قوله: