{إِلَّا أَمَانِيَّ}؛ أي (?): إلا ما هم عليه من أمانيَّ وأكاذيب، وأحاديث مُختلقَةٍ يسمعونها من كبرائهم، والأمانيُّ جمع أُمنيَّةٍ بتشديد الياء فيهما وبتخفيفها فيهما، وهي في الأصل: ما يُقدِّره الإنسان في نفسه من مُنًى إذا قدَّر، ولذلك تطلق على الكذب، وعلى ما يتمنَّى، وعلى ما يقرأ، والاستثناء (?) فيه منقطعٌ؛ لأنّها ليست من جنس الكتاب؛ أي: لكن الشهوات الباطلة ثابتةٌ عندهم، وهي المفتريات من تغيير صفة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّهم لا يعذَّبون إلّا أيامًّا معدودة، وأنَّ آباءهم الأنبياء يشفعون لهم، وأنّ الله لا يؤاخذهم بخطاياهم ويرحمهم، ولا حُجَّة لهم في ذلك، والمعنى؛ أي: لكن يعتقدون أكاذيب أخذوها تقليدًا من المحرّفين، أو مواعيد فارغة سمعوها منهم، من أنّ الجنّة لا يدخلها إلّا من كان هودًا، إلى غير ذلك. وقيل المعنى: إلّا ما يقرؤون قراءة عارية من معرفة المعنى، وتقدّم لك قريبًا أنّ الاستثناء هنا منقطع؛ لأنّ الأماني ليست من جنس الكتاب، ولا مندرجة تحت مدلوله، وهو (?) أحد قسمي الاستثناء المنقطع، وهو الذي يتوجَّهُ عليه العامل. ألا ترى أنَّه لو قيل: لا يعلمون إلّا أماني لكان الكلام مستقيمًا، وهذا النوع من الاستثناء يجوز فيه وجهان:

أحدهما: النصب على الاستثناء وهي لغة أهل الحجاز.

والوجه الثاني؛ الاتباع على البدل بشرط التأخُّر وهي لغة تميم، فنصب أمانيّ هنا يصحُّ من الوجهين.

والمعنى: إلّا ما هم عليه من أمانيِّهم، وأمانيُّهم أنّ الله يعفو عنهم، ويرحمهم ولا يؤاخذهم بخطاياهم، إلى غير ذلك ما مرّ، أو ما يُمنِّيم أحبارهم من أنَّ النار لا تمسُّهم، إلّا أيّامًا معدودة، أو لا يعلمون إلّا أكاذيب مختلقةً سمعوها من علمائهم نقلوها على التقليد، قاله ابن عباس، ومجاهد، واختاره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015