[78]

ينافقوا، ويتظاهروا للمؤمنين بما يعلم الله منهم خلافه؟ فلا يجامع حالة نفاقهم بحالة علمهم بأنّ الله عالم بذلك، والأولى حمل ما يسرّون وما يعلنون على العموم إذ هو ظاهر اللفظ. وقيل: الذي أسرُّوه الكفر، والذي أعلنوه الإيمان. وقيل: العداوة والصداقة. وقيل: قولهم لشياطينهم {إِنَّا مَعَكُمْ}، وقولهم للمؤمنين {آمَنَّا} وقيل: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتغيير صفته إلى صفة أخرى حتى لا تقوم عليهم الحُجّة. وقرأ ابن محيصن (?) (أو لا تعلمون) بالتاء، قالوا: فيكون ذلك خطابًا للمؤمنين، وفيه تنبيه لهم على جهلهم بعالم السر والعلانية، ويحتمل أن يكون خطابًا لهم، وفائدته: التنبيه على سماع ما يأتي بعد، ثُمَّ أعرض عن خطابهم، وأعاد الضمير إلى الغيبة إهمالًا لهم، فيكون ذلك من باب الالتفات، ويكون حكمته في الحالتين ما ذكرناه.

78 - {وَمِنْهُمْ}؛ أي: ومن اليهود رهْطٌ {أُمِّيُّونَ} لا يحسنون الكتْب، ولا يقدرون على القراءة جمع أمّيّ، والأُمِّيُّ: من لا يكتب ولا يقرأ، منسوبٌ إلى أمّة العرب، وهي الأمة الخالية عن العلم والقراءة، فاستعير لمن لا يعرف الكتابة والقراءة أو إلى الأُمّ؛ لأنّه على حالة ولادة أُمّه، وظاهر الكلام أنّها نزلت في اليهود المذكورين في الآية التي قبل هذه الآية، قاله ابن عباس. وقيل: في المجوس، قاله عليُّ بن أبي طالب. وقيل: في اليهود والمنافقين، وقال عكرمة، والضحاك: في نصارى العرب، فإنَّهم كانوا لا يحسنون الكتابة. وقيل: في قوم من أهل الكتاب رفع كتابهم لذنوب ارتكبوها، فصاروا أمّيِّين؛ لجحودهم الكتاب، فصاروا بمنزلة من لا يحسن شيئًا، والقول الأوّل هو الأظهر؛ لأنَّ سياق الكلام إنما هو مع اليهود، فالضمير لهم، وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة: {أُمِّيُّونَ} بتخفيف الميم؛ أي: ومن (?) اليهود جهلةٌ لا يكتبون ولا يقرؤون، {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ}؛ أي: لا يعرفون التوراة بكتابةٍ ولا قراءةٍ، وطريقتهم التقليد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015