الجمهور {أَمَرْنا} من الأمر الذي هو ضد النهي، وقرأ (?) علي بن أبي طالب، وابن أبي إسحاق، وأبو رجاء وعيسى بن عمر، وسلّام، وعبد الله بن أبي يزيد، والكلبي {آمرنا} بالمد، وجاء كذلك عن ابن عباس، والحسن، وقتادة وأبي العالية، وابن هرمز، وعاصم، وابن كثير، وأبي عمرو، ونافع، وهو اختيار يعقوب، ومعناه: كثّرنا يقال: أمر الله القوم، وآمرهم، ومعنى {آمرنا} مترفيها: أي كثّرنا أغنياءها، وفساقها، وقرأ ابن عباس، وأبو عثمان النهدي السدي، وزيد بن علي، وأبو العالية {أمّرنا} بتشديد الميم، وروي ذلك عن علي، والحسن، والباقر، وعاصم، وأبي عمرو ومعناه (?) جعلنا جبابرتها وفسّاقها أمراء.
{فَفَسَقُوا}؛ أي: فخرجوا عما أمرهم الله تعالى به من الإيمان والطاعة، وعملوا المعاصي {فِيها}، أي: في تلك القرية {فَحَقَّ}؛ أي فوجب، وثبت {عَلَيْهَا}؛ أي: على أهل تلك القرية. {الْقَوْلُ} بالعذاب، أي: ثبت عليهم قضاؤنا بالعذاب، وتحقق موجبه بحلول العذاب بهم، إثر ما ظهر فسقهم وطغيانهم، والقول الذي حق عليهم هو وعيد الله الذي قاله رسولهم، وقيل: القول هو {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} وهؤلاء في النار، ولا أبالي. ذكره في «البحر».
والمعنى: أي فثبت عليها ما توعدناهم به على لسان رسولنا من الإهلاك {فَدَمَّرْناها} بتدمير أهلها، وتخريب ديارها {تَدْمِيرًا}، والتدمير: الإهلاك مع طمس الأثر، وهدم البناء، والمعنى: فأهلكناها إهلاك الاستئصال كفاء فسقهم، وطغيانهم، وبطرهم إهلاكًا عظيمًا، لا يوقف على كنهه لشدته وعظم موقعه.
وقيل (?): في تفسير {أَمَرْنا} بأنه مجاز عن السبب الحامل لهم على الفسق، وهو إدرار النعم عليهم، بأن صبّ عليهم ما أبطرهم وأفضى بهم إلى الفسوق.
وعن أم المؤمنين زينب بنت جحش - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فزعا يقول: «لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من