[17]

ردم يأجوج ومأجوج، مثل هذه وحلّق بأصبعيه، الإبهام والتي تليها، قالت زينب: قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث»، متفق عليه. قوله: «ويل للعرب» كلمة تقال لمن وقع في هلكة، أو أشرف أن يقع فيها، وقوله: إذا كثر الخبث؛ أي: الشر.

وحاصل معنى الآية: أي (?) إذا دنا وقت تعلق إرادتنا بهلاك أيّ قرية بعذاب الاستئصال، لما ظهر منها من المعاصي، ودنّست به أنفسها من الآثام، لم نعاجلها بالعقوبة، بل نأمر مترفيها بالطاعة؛ فإذا فسقوا عن أمرنا، وتمرّدوا حقّ عليهم العذاب جزاءً وفاقًا لاجتراحهم السيئات، وارتكابهم كبائر الإثم والفواحش، فدمرنا تلك القرية تدميرًا، لم يبق منها ديّارًا ولا نافخ نار، وخص المترفين بالذكر كما مرّ لما جرت به العادة أن من سواهم يكون تبعًا لهم، وأن العامة والدهماء يقلّدونهم فيما يفعلون، ولأنهم أسرع إلى الفجور، وأقدر على الوصول إلى سبله.

17 - ثم ذكر سبحانه: أنّ هذه عادته الجارية مع القرون الخالية. فقال: {وَكَمْ أَهْلَكْنا}، {وَكَمْ} هنا خبرية بمعنى عدد كثير مفعول {أَهْلَكْنا} و {مِنَ الْقُرُونِ} تبيين لإبهام {كَمْ}. وتمييزٌ له كما يميز العدد بالجنس، والقرون (?) جمع قرن، والقرن مدة من الزمن يخترم فيها المرء، والأصح أنه مئة سنة، والمراد به هنا، كل أمّة هلكت، فلم يبق منها أحد، وكل أهل عصر قرن لمن بعدهم؛ لأنهم يتقدمونهم؛ أي: وكثيرًا من الأمم الماضية {أَهْلَكْنا} {مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} عليه السلام؛ أي: من بعد زمنه كعاد، وثمود، ومن بعدهم، ولم يقل من بعد آدم لأن نوحا أول نبي بالغ قومه في تكذيبه وقومه أول من حلت بهم العقوبة العظمى وهو الاستئصال بالطوفان.

والمعنى (?): أي وقد أهلكنا أممًا كثيرة قبلكم من بعد نوح حتى زمانكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015