نهر وهو المجرى الواسع من مجاري الماء، والمعنى؛ أي: وإن من الحجارة ما فيه خروق واسعة يتدفّق منها الماء الكثير؛ أي: يتصبّب؛ أي: وإن من بعض الحجارة الحجر الذي يتصبّب ويخرج منه الأنهار الكبار. قيل: أراد به جميع الأحجار. وقيل: أراد به الحجر الذي كان يضرب عليه موسى عليه السلام، ليسقي الأسباط {وَإِنَّ مِنْها}؛ أي: من الحجارة {لَما يَشَّقَّقُ} ويتصدّع ويتخرّق طولا أو عرضا. أصله: يتشقق، كما سيأتي. والتّصدّع جعل الشيء ذا نواحي {فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ}؛ أي: ينشق إنشقاقا قليلا بالطول أو بالعرض ينبع منه الماء؛ ليكون عينا نابعة دون الأنهار. وقرأ الجمهور {وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ} {وَإِنَّ مِنْها} {وَإِنَّ مِنْها} في المواضع الثلاثة مشددة. وقرأ قتادة في كلها مخففة على جعلها مخففة من الثقيلة. ذكره في «البحر».
وقرأ الجمهور (?): {يَتَفَجَّرُ} بالياء مضارع تفجر. وقرأ مالك بن دينار {ينفجر} بالياء، والنون مضارع انفجر، وكلاهما مطاوع، أمّا يتفجر فمطاوع فجّر بالتشديد، وأما ينفجر فمطاوع فجر مخففا، والتفجّر التفتّح بالسعة والكثرة، والانفجار دونه، والمعنى: إن من الحجارة ما فيه خروق واسعة يندفق منها الماء الكثير الغمر. وقرأ أبيّ، والضحاك {منها الأنهار} بتأنيث الضمير. وقرأ الجمهور {مِنْهُ} بتذكيره، فالقراءة الأولى حمل على المعنى، وقراءة الجمهور حمل على اللفظ؛ لأنّ ما، لها هنا لفظ ومعنى؛ لأن المراد به الحجارة، ولا يمكن أن يراد به مفرد المعنى فيكون لفظه ومعناه واحدا، إذ ليس المعنى وإن من الحجارة للحجر الذي يتفجر منه الأنهار؛ إنما المعنى وإن من الحجارة للأحجار التي يتفجر منها الأنهار، كما مرّ. وقرأ الجمهور (?) {يَشَّقَّقُ} بتشديد الشين، وأصله: يتشقق، فبه قرأ الأعمش، فقلبت التاء شينا وأدغمت الشين في الشين، فصار يشقق. وقرأ الأعمش أيضا تشقق بالتاء والشين المخففة، ورأيتها معزوة لابن مصرف، ورأيت في بعض نسخ تفسير ابن عطية ما نصه: وقرأ ابن مصرف {ينشقق} بالنون وقافين، والذي يقتضيه اللسان بقاف واحدة مشددة، وقد يجىء