الفك في شعر، وهي قراءة شاذة {وَإِنَّ مِنْها}؛ أي: من الحجارة {لَما يَهْبِطُ} وينزل ويتردى من أعلى الجبل إلى أسفله. وقرأ الأعمش {يَهْبِطُ} بضم الباء، وقد تقدم أنها لغة. ذكره في «البحر» مِنْ {خَشْيَةِ اللَّهِ}؛ أي من خوف الله سبحانه وتعالى، وانقيادها لأمره. والخشية هي الخوف عن العلم، وهنا مجاز عن انقيادها لأمر الله؛ أي: فخشيتها عبارة عن انقيادها لأمر الله، وأنها لا تمتنع عما يراد منها، وقلوبكم يا معشر اليهود! لا تلين، ولا تخشع، ولا تتحرك من خوف الله تعالى، ولا تفعل ما أمر به، وهذا (?) كله تعليل لتفضيل الحجارة عليهم.
والمعنى: أن الحجارة تتأثر وتنفعل، فإن منها ما يتشقق فينبع منه الماء، ويتفجر منه الأنهار، ومنها ما يتردى من أعلى الجبل انقيادا لما أراد الله تعالى به، وقلوب هؤلاء اليهود لا تتأثر ولا تنفعل عن أمره تعالى {وَمَا اللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِغافِلٍ}؛ أي: بساه {عَمَّا تَعْمَلُونَ}؛ أي: عن العمل الذي تعملونه، أو عن عملكم، فما إما موصول اسمي أو حرفي، وهو وعيد شديد على ما هم عليه من قساوة القلوب، وما يترتّب عليها من الأعمال السيئة، فقلب الكافر أشدّ في القساوة في الحجارة، وإنها مع فقد أسباب الفهم والعقل منه، وزوال الخطاب عنها تخضع له تعالى وتتصدع. قال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} وقلب الكافر مع وجود أسباب الفهم والعقل، وسعة هيئة القبول لا يخضع، ولا يلين، والمعنى (?)؛ أي: وليس الله سبحانه غافلا عن أفعالكم الخبيثة، ولا ساهيا عنها، بل هو محص لها وحافظ إياها، وسيعاقبكم عليها في الآخرة؛ أي: وإن الله لبالمرصاد لهؤلاء القاسية قلوبهم، وحافظ لأعمالهم حتى يجازيهم عليها في الآخرة.
قرأ الجمهور (?): {تَعْمَلُونَ} بالتاء، وهو الجاري على نسق قوله: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ} وقرأ ابن كثير، ونافع، ويعقوب، وخلف، وأبو بكر بالياء؛ نظرا