الذات فقط، أو يقال في الفرق بينهما: إن المعرفة يسبقها جهل، والعلم قد لا يسبقه جهل، ولذلك لا يجوز إطلاق المعرفة على الله سبحانه وتعالى {الَّذِينَ اعْتَدَوْا} أصله: اعتديوا؛ لأنه من العدوان واويّ اللام، أبدلت الواو ياء في الافتعال؛ لوقوعها خامسة، فاتصل بالفعل واو الجماعة فضمت الياء؛ لمناسبتها، ثم أبدلت الياء ألفا؛ لتحركها بعد فتح، فالتقى ساكنان فحذفت الألف؛ فقيل: اعتدوا بوزن افتعوا {فِي السَّبْتِ} والسبت في الأصل مصدر سبت؛ أي؛ قطع، وقال ابن عطية: والسبت إما مأخوذ من السّبوت الذي هو الراحة والدعة، وإما من السبت وهو القطع؛ لأن الأشياء فيه سبتت وتمّ خلقها، ثم سمي به اليوم من الأسبوع، ومنه قولهم: سبت رأسه؛ أي حلقه {كُونُوا قِرَدَةً} أمر من كان يكون، وأصل يكون: يكون بوزن يفعل بضم العين، نقلت حركة الواو إلى الكاف، فسكنت إثر ضمها فصارت حرف مد، فلمّا بني الأمر من مضارعه حذف منه حرف المضارعة ونون الرفع، فقيل: كونوا بوزن فعلوا {خاسِئِينَ} وفي «المختار»: خسأ الكلب طرده من باب قطع، وخسأ هو بنفسه خضع وانخسأ أيضا، وخسأ البصر حسر من باب قطع وخضع. اه. {فَجَعَلْناها نَكالًا} والنكال المنع، ومنه النكل، والنكل: اسم للقيد من الحديد واللّجام؛ لأنه يمنع به، وسمي العقاب نكالا؛ لأنه يمنع به غير المعاقب أن يفعل فعله، ويمنع المعاقب أن يعود إلى فعله الأول، والتنكيل: إصابة الغير بالنكال ليرتدع غيره، ونكل عن كذا ينكل نكولا من باب قعد إذا امتنع. اه. «سمين».
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة ضروبا من البلاغة، وأنواعا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإضافة للتشريف في قوله: {رَبَّكَ}.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: {مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ}؛ لما فيه من إسناد ما للفاعل إلى المحل؛ لأن المنبت الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، علاقته