[47]

ما ذكره أبو حاتم من أن في قراءة أبيّ: {ولولا كلمة الله لزال من مكرهم الجبال}. وينبغي أن تحمل هذه القراءة على التفسير لمخالفتها لسواد المصحف المجمع عليه. وقرأ الجمهور باقي السبعة: {وَإِنْ كَانَ} بالنون، {مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ} - بكسر اللام الأولى ونصب الأخيرة -. ورويت هذه القراءة عن علي أيضًا، وعلى هذه القراءة تكون {إن} نافية و (اللام): المكسورة؛ لتأكيد النفي، والمعنى: ومحال (?) أن تزول الجبال بمكرهم على أن الجبال مثل لآيات الله وشرائعه الثابتة على حالها مدى الدهر. فالجملة على هذا المعنى حال من الضمير في {مَكَرُوا} لا من قوله: {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ}؛ أي: مكروا، والحال أن مكرهم لم يكن لتزول منه الجبال. وأما على (?) قراءة الكسائي ومن معه: {لِتَزُولَ} - بفتح اللام الفارقة ورفع الفعل - فالجملة حينئذ حال من قوله: {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ}؛ أي: وعند الله المكر بهم، والحال أن مكرهم في غاية القوة بحيث تزول منه الجبال.

47 - {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ} يا محمد {مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} بتعذيب الظالمين ونصر المؤمنين؛ أي: ما وعدهم سبحانه بقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} وقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}. وأصله (?): مخلف رسله وعده، وقدم المفعول الثاني إعلامًا بأن لا يخلف وعده أحدًا، فكيف يخلف رسله الذين هم خيرته وصفوته من خلقه، والوعد: عبارة عن الإخبار بإيصال المنفعة قبل وقوعها، والمعنى: دم على ما كنت عليه من اليقين بعدم إخلافنا رسلنا وعدنا. وهذه الجملة تفريع (?) على قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} فكأنه قيل: وإذ قد وعدناك بعذاب الظالمين يوم القيامة وأخبرناك بما يلقونه من الشدائد وبما يسألونه من الرد إلى الدنيا، وبما أجبناهم به وقرعناهم بعدم تأملهم في أحوال من سبقهم من الأمم الذين أهلكناهم بظلمهم بعدما وعدنا رسلهم بإهلاكهم، فدم على ما كنت عليه من اليقين بعدم إخلافنا رسلنا وعدنا: فـ {مُخْلِفَ}: إما متعد لاثنين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015