يسلم منه البشر. ثم طلب من الله سبحانه أن يغفر لوالديه حيث قال: {وَلِوَالِدَيَّ}؛ أي: واغفر لوالدين لي ذنوبهما واهدهما إلى صراطك المستقيم. وقد قيل (?): إنه دعا لهما بالمغفرة قبل أن يعلم أنهما عدوان لله سبحانه، كما في قوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}. وقيل: كانت أمه مسلمة. وقيل: أراد بوالديه آدم وحواء.
ثم استغفر للمؤمنين حيث قال: {و} اغفر {وَلِلْمُؤْمِنِينَ} والمؤمنات كلهم، وظاهره شمول كل مؤمن سواء كان من ذريته أو لم يكن منهم. وقيل: أراد المؤمنين من ذريته فقط، واكتفى بذكر (?) مغفرة المؤمنين دون مغفرة المؤمنات؛ لأنهن تبع لهم في الأحكام، وللإيذان باشتراك الكل في الدعاء بالمغفرة، جيء بضمير الجماعة في قوله: {رَبَّنَا} وفي الحديث: "من عمم بدعائه المؤمنين والمؤمنات استجيب له". فمن السنة أن لا يخص نفسه بالدعاء قال في "الأسرار المحمدية": اعلم أنه يكره للإمام تخصيص نفسه بالدعاء بأن يذكر على صيغة الإفراد، لا على صيغة الجمع. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤم عبد قومًا، فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم"، رواه ثوبان. بل الأولى أيضًا إن كان منفردًا أن يأتي بصيغة الجمع، فينوي نفسه وآباءه وأمهاته وأولاده وإخوانه وأصدقاءه المؤمنين الصالحين، فيعممهم بالدعاء، وينالهم بركة دعائه.
{يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}؛ أي: يوم (?) يبدو ويظهر فيه محاسبة أعمال المكلفين. وقيل: يوم يقوم الناس فيه للمحاسبة والمجازاة على أعمالهم، فاكتفى بذلك؛ أي: بذكر الحساب عن ذكر الناس، لكونه مفهومًا عند السامع، والأول أولى وهذا دعاء المؤمنين بالمغفرة، والله سبحانه وتعالى لا يرد دعاء خليله إبراهيم عليه السلام، ففيه بشارة عظيمة لجميع المؤمنين بالمغفرة.
والمعنى (?): أي ربنا اغفر لي ما فرط مني من الذنوب ولأبوي. وقد روي عن الحسن أن أمه كانت مؤمنة، واستغفاره لأبيه عن موعدة وعدها إياه، فلما