سمي إسماعيل؛ لأن إبراهيم كان يدعو الله أن يرزقه ولدًا، ويقول: إسمع يا إيل، وإيل هو الله، فلما رزق به سماه به كما في "معالم التنزيل". وقال في "إنسان العيون": معناه بالعبرانية: مطيع الله روي أنه ولد له إسماعيل، وهو ابن تسع وتسعين سنة. {وَإِسْحَاقَ} اسمه بالعبرانية: الضحاك كما في "إنسان العيون" روي أنه ولد له إسحاق، وهو ابن مئة وثنتي عشرة سنة، وإسماعيل يومئذٍ ابن ثلاث عشرة سنة. {إِنَّ رَبِّي} ومالك أمري {لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}؛ أي: لمجيب الدعاء من قولهم سمع الملك كلامه إذا اعتد به وهو من إضافة الصفة المتضمنة للمبالغة إلى المفعول.
والمعنى: إنك لكثير إجابة الدعاء لمن يدعوك. وفيه بأنه دعاه ربه وسأل منه الولد، ما قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)} فأجابه ووهب له سؤله حين ما وقع اليأس منه، ليكون من أجل النعم وأجلاها، فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ ...} إلخ. والظاهر (?): أن هذه الجمل التي تكلم بها إبراهيم عليه السلام لم تقع منه في زمان واحد، وإنما حكى الله عنه ما وقع منه في أزمان مختلفة، يدل على ذلك أن إسحاق لم يكن موجودًا حالة دعائه؛ إذ ترك هاجر والطفل بمكة، فالظاهر أن حمده الله تعالى على هبة ولديه له كان بعد وجود إسحاق.
فإن قلت: كيف (?) جمع بين إسماعيل وإسحاق عليهما السلام في وقت واحد، وإنما بشر بإسحاق بعد إسماعيل بزمان طويل؟
قلت: يحتمل أن إبراهيم عليه السلام إنما أتى بهذا الدعاء عندما بشر بإسحاق، وذلك أنه لما عظمت المنة على قلبه بهبة ولدين عظيمين عند كبره قال عند ذلك: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} ولا يرد على هذا ما ورد في الحديث أنه دعا بما تقدم عند مفارقة إسماعيل وأمه؛ لأن الذي صح في الحديث أنه دعا بقوله: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} إلى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} إذا ثبت هذا، فيكون قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} في وقت آخر. والله أعلم بحقيقة الحال.