عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)}.

وسمى الله تعالى ذلك تمتعًا (?)؛ لأنهم تلذذوا به، وأحسوا بغبطة وسرور، كما يتلذذون بالمشتهيات من النعم، وهذا الأسلوب التهكمي يستعمل في التخاطب كثيرًا، فترى الطبيب يأمر مريضه بالاحتماء من بعض ما يضره ويؤذيه، ثم لا يرى منه إلا تماديًا في الإعراض عن أوامره واتباعًا لشهواته، فيقول له: كل ما تريد، فإن مصيرك إلى الموت، وما مراده من ذلك إلا التهديد ليرتدع ويقبل ما يقول، وكما يقال لمن سعى في مخالفة السلطان، إصنع ما شئت، فإن مصيرك إلى السيف.

ودلت الآيتان على أمور:

الأول: أنَّ الكفران سبب لزوال النعمة بالكلية، كما أن الشكر سبب لزيادتها.

والثاني: أنَّ القرين السوء يجر المرء إلى النار، ويحله دار البوار، فينبغي للمؤمن المخلص السني أن يجتنب عن صحبة أهل الكفر والنفاق والبدعة حتى لا يسرق طبعه اعتقادهم السوء وعملهم السيء. ولهم كثرة في هذا الزمان.

والثالث: أن جهنم دار القرار للأشرار، وشدة حرها مما لا يوصف.

وبعد أن هدد الكفار على انغماسهم في اللذات أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر خُلَّصَ عباده بإقامة العبادات البدنية، وأداء الفرائض المالية، فقال: {قُلْ} يا محمد {لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله {يُقِيمُوا الصَّلَاةَ}؛ أي: أقيموا (?) الصلاة الواجبة على وجهها وأدوها كما طلب ربكم، وداوموا عليها، فهي عماد الدين وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي المصباح للمؤمن يستضيء به للقرب من ربه. و {عبادي} يقرأ بثبوت الياء مفتوحة وبحذفها لفظًا لا خطأ، والقراءتان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015