حقيقيًّا لهم من اتخاذ الأنداد، ولكن لما كان نتيجة له كما كان الإكرام في قولك: جئتك لتكرمني نتيجة المجيء شبه بالغرض، وأدخل اللام عليه بطريقة الاستعارة التبعية، ونسب الإضلال الذي هو فعل الله تعالى إليهم؛ لأنهم سبب الضلالة حيث يأمرون بها ويدعون إليها. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (?): {لِيُضِلُّوا} هنا، و {ليضل} في الحج ولقمان والروم بفتح الياء؛ أي: ليضلوا بأنفسهم عن سبيل الله، وتكون اللام للعاقبة؛ أي: ليتعقب جعلهم لله أندادًا ضلالهم؛ لأن العاقل لا يريد ضلال نفسه. وقرأ باقي السبعة بضمها؛ أي: ليوقعوا قومهم في الضلال عن سبيل الله، فهذا هو الغرض من جعلهم لله أندادًا.
والمعنى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}؛ أي (?): واتخذوا لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس له كفوًا أحد أندادًا وشركاء من الأصنام والأوثان أشركوهم به في العبادة، كما قالوا في الحجّ: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك. {لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ}؛ أي: لتكون عاقبة أمر الذين شايعوهم على ضلالهم الصد والإعراض عن سبيله القويم ودينه الحنيف، والوقوع في حمأة الكفر والضلال.
ولما حكى الله سبحانه وتعالى عنهم هذه الهنات الثلاث تبديل النعمة واتخاذ الأنداد والأمثال وإضلال قومهم،
31 - أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم على سبيل التهديد والوعيد: سيروا على ما أنتم عليه، فإنه لا فائدة في نصحكم وإرشادكم وعاقبتكم النار بقوله: {قُلْ} يا محمد تهديدًا لهؤلاء الضالين المضلين {تَمَتَّعُوا}؛ أي (?): انتفعوا والتذوا بما أنتم عليه من الشهوات التي من جملتها كفران النعم العظام، وعبادة الأوثان والأصنام، والسعي في إضلال الناس والصد عن سبيله. ثم بين جزاءهم المحتوم، فقال: {فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ} يوم القيامة؛ أي: إن مرجعكم وموثلكم فيه {إِلَى النَّارِ} المؤبدة ليس إلا، فلا بد لكم من تعاطي ما يوجب ذلك، أو يقتضيه من أحوالكم، كما قال تعالى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى