اتخذوا آلهة من دون الله، وكان عن نعم الله عليهم، وإسكانه إياهم حرمه ... أردف ذلك بذكر أصلهم إبراهيم، وأنه صلوات الله عليه دعا الله تعالى أن يجعل مكة آمنة، ودعا بأن يجنب بنيه عبادة الأصنام، وأنه أسكنه وذريته في بيته ليعبدوه وحده بالعبادة التي هي أشرف العبادة، وهي الصلاة لينظروا في دين أبيهم، وأنه مخالف لما ارتكبوه من عبادة الأصنام، فيزدجروا ويرجعوا عنها.
أسباب النزول
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير عن عطاء بن يسار قال (?): نزلت هذه الآية في الذين قتلوا يوم بدر قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ ...} الآية.
وقد ذهب (?) جمهور المفسرين إلى أن الآية نزلت في كفار مكة، وقيل: نزلت في الذين قاتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، وقيل: نزلت في بطنين من بطون قريش بني مخزوم وبني أمية، وقيل: إنها عامة في جميع المشركين، وقيل غير ذلك.
التفسير وأوجه القراءة
28 - والاستفهام في قوله: {أَلَمْ تَرَ} استفهام تعجيب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل مخاطب، والخطاب فيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل من يصلح له؛ أي: هل رأيت يا محمد عجبًا مثل عجب هؤلاء المذكورين؛ أي: ألم تنظر يا محمد {إِلَى} حال الكفار {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ}؛ أي: جعلوا بدل شكر نعمة الله التي هي إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - إليهم {كُفْرًا}؛ أي: جحدًا وتكذيبًا له، وشكرها الإيمان به - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما جاء به، وهم أهل مكة حيث أسكنهم الله حرمه الآمن، ووسع عليهم أبواب رزقه، وشرفهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فكفروا ذلك فقحطوا سبع سنين، فقتلوا وأسروا يوم بدر؛ لأن (?) شكرها الذي وجب عليهم وضعوا مكانه كفرًا، فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر، وبدلوه تبديلًا {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ} الذين تابعوهم على الكفر