قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أحوال الكافرين لنعمه حين بدلوا الشكر بالكفر، واتخذوا لله أندادًا، فكان جزاؤهم جهنم وبئس المهاد، ثم أمر المؤمنين بإقامة شعائر الدين من صلاة وزكاة شكرًا لربهم على ما أوتوا من النعم، وحثًّا لهم على الجهاد في سبيل كمالهم ورقيهم، ببذل النفس والنفيس، وهو المال لتكمل لهم السعادة في الدارين .. شرع بذكر الأدلة المنصوبة في الآفاق والأنفس التي توجب على عباده المثابرة على شكره ودوام الطاعة له، ويذكر النعم الجسام التي يتقلبون في أعطافها آناء الليل وأطراف النهار؛ ليكون في ذلك حث لهم على التدبر فيما يأتون وفيما يذرون، وفيه عظيم الدلالة على وجوب شكر الصانع لها، كما فيه أشد التقريع للكافرين الذين أعرضوا عن النظر والتفكر في تلك النعم، فكان هذا داعية كفرها وجحودها وغمطها وكنودها.
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: لما ذكر (?) سبحانه وتعالى الأدلة على أن لا معبود سواه، وأنه لا يجوز بحال أن يعبد غيره، وطلب إلى رسوله أن يعجب من حال قومه إذ بدلوا نعمة الله كفرًا وعبدوا الأوثان والأصنام .. ذكر هنا أن الأنبياء جميعًا حثوا على ترك عبادة الأصنام، فإبراهيم صلوات الله عليه وسلامه؛ وهو أبوهم نعى على قومه عبادتها، وطلب إلى الله أن يجنبه وبنيه ذلك، فإنها كانت سببًا في ضلال كثير من الناس، وشكر الله على أن وهب له على كبره ولديه إسماعيل وإسحاق، ثم ختم مقاله بأن يغفر له ولوالديه وللمؤمنين ذنوبهم عند العرض والحساب.
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ...} الآيات، قال أبو حيان: مناسبة هذه الآيات لما قبلها (?): أنه تعالى لما ذكر التعجيب من الذين بدلوا نعمة الله كفرًا وجعلوا لله أندادًا؛ وهم قريش ومن تابعهم من العرب الذين