الدال، إذ أكثر الإدغام يستحيل فيه الأول إلى الثاني، ويجوز في هذا أن يستحيل الثاني إلى الأول ويدغم فيه الأول، ويقال: إذكر، ويجوز الإظهار، فتقول: إذ ذكر. وقرأ ابن مسعود {تذكروا} على أنه مضارع انجزم على جواب الأمر الذي هو خذوا، وذكر الزمخشري أنه قرىء {وتذكّروا} أمرا من التذكر، ودخول (?) ثمّ مشعر بالمهلة، ومن تشعر بابتداء الغاية، لكن بين الجملتين كلام محذوف، تقديره - والله أعلم - فأخذتم ما آتيناكم، وذكرتم ما فيه، وعملتم بمقتضاه، ثم تولّيتم من بعد ذلك، وقد علم أنهم بعد ما قبلوا التوراة تولوا عنها بأمور، فحرّفوها، وتركوا العمل بها، وقتلوا الأنبياء، وكفروا بالله، وعصوا أمره، ومن ذلك ما اختصّ به بعضهم، وما عمله أوائلهم، وما عمله أواخرهم، ولم يزالوا في التيه مع مشاهدتهم الأعاجيب يخالفون موسى، ويظاهرون بالمعاصي في عسكرهم حتى خسف ببعضهم، وأحرقت النار بعضهم، وعوقبوا بالطاعون، وكلّ هذا مذكور في تراجم التوراة التي يقرؤون بها، ثمّ فعل ساحروهم ما لا خفاء فيه حتى عوقبوا بتخريب بيت المقدس، وكفروا بالمسيح، وهمّوا بقتله. والإشارة (?) في قوله: {مِنْ بَعْدِ ذلِكَ} إلى قبول ما أوتوه، أو إلى أخذ الميثاق والوفاء به ورفع الجبل، أو خروج موسى من بينهم، أو الإيمان. أقوال، ذكره في «البحر».

والمعنى: أي ثمّ توليتم، وأعرضتم، وانصرفتم عن الطاعة بعد أن أخذ عليكم الميثاق، وأراكم من الآيات ما فيه عبرة لمن ادّكر، فلولا لطف الله بكم، وإمهاله إياكم، إذ لم يعاملكم بما تستحقون لكنتم من الهالكين بالانهماك في المعاصي. والخلاصة: إنكم بتوليكم استحققتم العقاب، ولكن فضل الله عليكم ورحمته أبعده عنكم، ولولا ذلك لخسرتم سعادتي الدنيا والآخرة، وقد منّ الله تعالى على أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم حيث فرض عليهم الفرائض واحدة بعد واحدة، ولم يفرض عليهم جملة، فإذا استقرّت الواحدة في قلوبهم فرض عليهم الأخرى، وأما بنو إسرائيل فقد فرض عليهم بدفعة واحدة، فشق عليهم ذلك، ولذا لم يقبلوا حتى رأوا العذاب، ثمّ إن (?) الله تعالى أمر بحفظ الأوامر والعمل، وبعدم النسيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015