سواه، أنّ الله تعالى جبرهم وقت سجودهم على الإيمان؛ لأنهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة بذلك، والمعنى؛ أي؛ اقتلعنا جبل الطور، ونتقناه من أصله، ورفعناه فوق رؤوسكم مقدار قامة حتى يكون كالظلّة، وقلنا لكم {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ}؛ أي: ما أعطيناكم من الكتاب واعملوا بما فيه، فهو على تقدير القول كما قدرنا {بِقُوَّةٍ}؛ أي بجدّ، واجتهاد، وعزيمة، ومواظبة من غير تقصير ولا توان، والمعنى: خذوا الذي آتيناكموه حال كونكم عازمين على الجدّ بالعمل به. اه. «كرخي».
{وَاذْكُرُوا ما فِيهِ}؛ أي: وادرسوا ما في الكتاب من الثواب والعقاب، واحفظوا ما فيه من الحلال والحرام، ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؛ أي: لكي (?) تنجوا من الهلاك في الدنيا والعذاب في العقبى، وإلّا رضخت رؤوسكم بهذا الجبل، أو رجاء (?) منكم أن تكونوا متقين، فلمّا رأوا ذلك نازلا بهم قبلوا، وسجدوا، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود، فصار ذلك سنة في سجود اليهود، كما مر آنفا
64 - {ثُمَّ} بعد ما رفعنا فوقكم وقبلتم الميثاق {تَوَلَّيْتُمْ}؛ أي: أعرضتم عن الوفاء بالميثاق، وتركتم العمل بكل ما أمرتم به {مِنْ بَعْدِ ذلِكَ} أي من بعد أخذ الميثاق منكم على العمل بما في الكتاب، وهذا تأكيد لما يفهم من ثمّ {فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ}؛ أي: تفضله سبحانه وتعالى عليكم بتأخير العذاب عنكم {وَرَحْمَتُهُ} لكم بقبول التوبة منكم {لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ}؛ أي: لصرتم من الهالكين في الدنيا والآخرة، أو من المغبونين بذهابكم، وانعدامكم في الدنيا والعذاب في العقبى، ولكن تفضّل عليكم حيث رفع الطور فوقكم حتى تبتم فزال الجبل عنكم، ولولا ذلك لسقط عليكم، والخسران في الأصل: ذهاب رأس المال وهو ههنا هلاك النفس؛ لأنها الأصل.
وقرأ الجمهور (?): {وَاذْكُرُوا} أمرا من ذكر الثلاثي. وقرأ أبيّ {واذّكّرو ما فيه} أمرا من اذّكّر، وأصله: واذتكروا، ثم أبدل من التاء دال، ثم أدغم الذال في