[16]

16 - {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله تعالى: {مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} والاستفهام فيه للتقرير؛ أي: من مالك السماوات والأرض، ومن مدبرهما وخالقهما؟ فسيقولون: الله؛ لأنهم مقرون بأن الله خالق السماوات وما فيها والأرض وما فيها، فهذا أجابوك بذلك فـ {قُلِ} أنت يا محمد: {اللَّهُ} رب السماوات والأرض ومالكهما وخالقهما ومتولي أمرهما؛ إذ لا جواب لهم سواه؛ لأنه البين الذي لا مراء فيه؛ أي: قل لهم (?): الذي خلقها وأنشأها وسواها على أتم موضع وأحكم بناء هو الله، وقد أمر عليه السلام ليجيب بذلك؛ للإشارة إلى أنه هو وهم سواء في ذلك الجواب الذي لا محيص منه، وهم لا ينكرونه البتة كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.

وقيل (?): لما قال هذه المقالة للمشركين عطفوا عليه، وقال: أحب أنت، فأمره الله أن يجيبهم بقوله: {قُلِ اللَّهُ}؛ أي: قل يا محمد الله خالقهما وربهما. وقيل: إنما جاء السؤال والجواب من جهة واحدة؛ لأن المشركين لا ينكرون أن الله خالق كل شيء، فلما لم ينكروا ذلك وأجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {اللَّهُ}، فكأنهم قالوا ذلك أيضًا، ثم ألزمهم الحجة على عبادتهم الأصنام بقوله: {قُلِ} يا محمد للمشركين {أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ} تعالى {أَوْلِيَاءَ} وآلهة يعني الأصنام، فالهمزة فيه للاستفهام التوبيخي الإنكاري داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أعلمتم أن ربهما هو الذي ينقاد لأمره من فيهما كافة، فاتخذتم من دونه تعالى أصنامًا {أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ} أولئك الأولياء {لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}؛ أي: لا يستطيعون لأنفسهم جلب نفع إليها ولا دفع ضرر عنها، وإذا عجزوا عن جلب النفع إلى أنفسهم، ودفع الضرر عنها .. كانوا عن نفع الغير ودفع الضرر عنه أعجز، ومن هو كذلك، فكيف يعبد ويتخذ وليًّا وهذا تجهيل لهم وشهادة على غباوتهم وضلالتهم التي ليس بعدها ضلال. وفي "روح البيان" الهمزة (?) للإنكار، والفاء للاستبعاد؛ أي: أبعد إقراركم هذا وعلمكم بأنه تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015