وميلانها من جانب إلى جانب، وطولها بسبب انحطاط الشمس، وقصرها بسبب ارتفاعها - لا يختص بوقت دون وقت، بل هي مستسلمة منقادة لله تعالى في عموم الأوقات؛ لأن الظلال إنما تزداد وتعظم فيهما. وقيل: لأنهما طرفا النهار، فيدخل وسطه فيما بينهما. وجاء (?) بـ {مَن} في قوله: {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} تغليبًا للعقلاء على غيرهم، ولكون سجود غيرهم تبعًا لسجودهم، ومما يؤيد حمل السجود على الانقياد ما يفيده تقديم لله على الفعل من الاختصاص، فإن سجود الكفار لأصنامهم معلوم، ولا ينقادون لهم كانقيادهم لله في الأمور التي يقرّون على أنفسهم بأنها من الله، كالخلق والحياة والموت ونحو ذلك.

فصل

وهذه السجدة من عزائم سجود التلاوة، فيسن للقارىء والمستمع أن يسجد عند قراءته واستماعه لهذه السجدة. وقد سبق (?) في آخر الأعراف ما يتعلق بسجدة التلاوة، فارجع إليه إن شئت. وأما سجدة الشكر؛ وهي أن يكبر ويخر ساجدًا مستقبل القبلة، فيحمده تعالى ويشكره، ويسبح ثم يكبر، فيرفع رأسه. وقال الشافعي: يستحب سجود الشكر عند تجدد النعم كحدوث ولد، أو نصر على الأعداء ونحوه، وعند دفع نقمة كنجاة من عدو أو غرق ونحو ذلك. وعن أبي حنيفة ومالك: أن سجود الشكر مكروه، ولو خضع فتقرب لله تعالى بسجدة واحدة من غير سبب فالأرجح أنه حرام. قال النواوي: ومن هذا ما يفعله كثير من الجهلة الضالين من السجود بين يدي المشايخ، فإن ذلك حرام قطعًا بكل حال، سواء كان إلى القبلة، أو لغيرها، وسواء قصد السجود لله، أو غفل، وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر كذا في الفتح القريب. وقرأ أبو مجلز: {والإيصال}. قال ابن جنّي هو مصدر أصل؛ أي: دخل في الأصيل، كما تقول: أصبح؛ أي: دخل في الإصباح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015