يستلّ سيفه ليقتله من ورائه، فحماه الله تعالى منهما وعصمه، فخرجا من المدينة وانطلقا في أحياء العرب يجمعان لحربه، فأرسل الله تعالى على أربد سحابة فيها صاعقة فأحرقته، وأرسل الطاعون على عامر، فخرجت فيه غدة كغدة البكر، فآوى إلى بيت سلولية، وجعل يقول: يا غدة كغدة البكر وموت في سلولية حتى مات، وأنزل الله في مثل ذلك: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ ...}.
التفسير وأوجه القراءة
12 - {هُوَ} سبحانه وتعالى الإله {الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} أيها الكفار المكذبون لرسولنا، وهو لمعان يظهر من خلال السحاب، وأسند (?) الإراءة إلى ذاته؛ لأنه الخالق في الأبصار نورًا يحصل به الرؤية للخلائق حالة كونكم {خَوْفًا}؛ أي: خائفين (?) من وقوع الصواعق، وخراب البيوت بالمطر {و} حالة كونكم {وَطَمَعًا}؛ أي: طامعين في نزول الغيث وحصول بركته، أو حالة كون البرق ذا خوف لمن له في المطر ضرر كالمسافر، وكمن يجفف التمر والزبيب والقمح وذا طمع لمن له في نفع كالحراث. فإن (?) المطر يكون لبعض الأشياء ضررًا ولبعضها رحمة، فيخاف منه المسافر ومن في خزينته التمر والزبيب، ومن له بيت لا يكف المطر، ويطمع فيه المقيم وأهل الزرع والبساتين، ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر، فإن انتفاعهم إنما هو بالنيل، وبالمطر يحصل الوطر.
والمعنى: أنه (?) سبحانه وتعالى يسخر البرق، فيخاف منه بعض عباده كالمسافر ومن في جرينه التمر والزبيب للتجفيف، ويطمع فيه من له فيه النفع كمن يرجو المطر لسقي زرعه، وهكذا حال كل شيء في الدنيا هو خير بالنظر إلى من يحتاج إليه في أوانه، وشر بالنظر إلى من يضره بحسب مكانه أو زمانه {و} هو الإله الذي {يُنْشِئُ}؛ أي: يخلق ويوجد {السَّحَابَ} ويرفع الغمام المنسحب في الجو؛ أي: يبتدىء إنشاء السحاب؛ أي: خلقه. وفيه دلالة على أن السحاب