كرهًا بحسب ما يريد .. أَعاد الكلام مع المشركين؛ ليلزمهم الحجة، ويقنعهم بالدليل، ويضيق عليهم باب الحوار حتى لا يستطيعوا الفرار من الاعتراف بوحدانيته تعالى وشمول قدرته وإرادته، وأنه لا معبود سواه ولا رب غيره.

قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ضرب مثل البصير والأعمى للمؤمن والكافر، ومثل النور والظلمات للإيمان والكفر .. ضرب مثلين للحق في ثباته وبقائه، وللباطل في اضمحلاله وفنائه، ثم بين مآل كل من السعداء والأشقياء، وما أعد لكل منهما يوم القيامة، وبين أن حاليهما لا يستويان عنده، وأن الذي يعي تلك الأمثال ويعتبر بها إنما هو ذو اللب السليم والعقل الراجح والفكر الثاقب.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (?) النسائي والبزار عن أنس - رضي الله عنه - قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أصحابه إلى رجل من عظماء الجاهلية يدعوه إلى الله تعالى فقال: إيش ربك الذي تدعوني إليه؟ أمن حديد، أم من نحاس، أو من فضة، أو من ذهب؟ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره فأعاد الثانية والثالثة، فأرسل الله عليه صاعقة، فأحرقته، ونزل هذه الآية: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ ...} إلى آخرها.

وروي في أسباب نزولها: أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أخا لبيد وفدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وسألاه أن يجعل لهما نصف الأمر، فأبى عليهما ذلك، فقال له عامر لعنه الله: أما والله لأملأنها عليك خيلًا جردًا، ورجالًا مردًا، فقال له رسول الله: "يأبى الله عليك وابنا قيلة" - الأنصار من الأوس والخزرج - ثم أنهما همّا بالفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل أحدهما يخاطبه، والآخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015