واختلف القراء في هذا الاستفهام المكرر اختلافًا منتشرًا. فقرأ (?) ابن كثير وأبو عمرو: {آيذا كنا ترابًا آينا} جميعًا بالاستفهام، غير أن أبا عمرو يمد الهمزة ثم يأتي بالياء ساكنة وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مد. وقرأ نافع: {آيذا} مثل أبي عمرو واختلف عنه في المد، وقرأ: {إنا لفي خلق جديد} مكسورة على الخبر، وقرأ عاصم وحمزة: {أَإِذَا كُنَّا} {أَإِنَّا} - بهمزتين فيهما -، وقرأ ابن عامر: {إذا كنا ترابًا} مكسورة الألف من غير استفهام {أَإِنَّا} يهمز ثم يمد ثم يهمز على وزن عاعنا. وروي عن ابن عامر شاذًا أيضًا: {أَإِذَا} بهمزتين لا ألف بينهما. ثم الوجه (?) في قراءة من استفهم في الأول والثاني قصد المبالغة في الإنكار، فأتى به في الجملة الأولى، وأعاده في الثانية تأكيدًا له، والوجه في قراءة من أتى به مرة واحدة حصول المقصود به؛ لأن كل جملة مرتبطة بالأخرى، فإذا أنكر في إحداهما حصل الإنكار في الأخرى. اهـ. "سمين".

ثم وصف أولئك المنكرين للبعث بأوصاف ثلاثة، فقال: {أُولَئِكَ} المنكرون لقدرته تعالى على البعث بعدما عاينوا الآيات الباهرة وكذبوا رسوله هم {الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}؛ أي: تمادوا على عنادهم وكفرهم بربهم، فإن إنكار قدرته تعالى إنكار له؛ لأن الإله لا يكون عاجزًا؛ أي: هم المتمادون في الكفر الكاملون فيه {وَأُولَئِكَ} الكفار {الْأَغْلَالُ} كائنة {فِي أَعْنَاقِهِمْ} يوم القيامة عند العرض للحساب، توضع الأغلال في أعناقهم كما يقاد الأسير الذليل بالغل، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)}. والأغلال: جمع غل؛ وهو طوق تشد به اليد إلى العنق يغلون بها يوم القيامة. وقيل: الأغلال أعمالهم السيئة التي هي لازمة لهم لزوم الأطواق للأعناق، والمعنى عليه: وأولئك مقيدون بسلاسل وأغلال من الضلال تصدهم عن النظر في الحق، واتباع طريق الهدى، والبعد عن الهوى كما قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015