لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}؛ أي: أنعاد خلقًا جديدًا بعد الموت كما كنا قبله؟ والاستفهام في الموضعين للإنكار.
وقيل المعنى (?): أي إن عجبت يا محمَّد إنكارهم الإعادة مع إقرارهم بأني خالق السموات والأرض والثمار المختلفة من الأرض الواحدة، فقولهم: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} عجب؛ أي: عجب يعجب منه الخلق؛ لأن الإعادة في معنى الابتداء.
وقيل المعنى (?): أي وإن تعجب يا محمَّد من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع من الأصنام والأوثان بعد أن قامت الأدلة على التوحيد، فعجب قولهم؛ أي: فأعجب منه تكذيبهم بالبعث واستبعادهم إياه بقولهم: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}؛ أي: أئذا فنينا وبلينا نعاد بعد العدم، مع أنهم لا ينكرون قدرته تعالى على إيجادهم بدأة ذي بدء، وتصويرهم في الأرحام، وتدبير شوؤنهم حالًا بعد حال. وقد تكرر هذا الاستفهام الإنكاري في أحد عشر موضعًا في تسع سور من القرآن، في الرعد والإسراء في موضعين، والمؤمنون والنحل والعنكبوت والسجدة والصافات والواقعة والنازعات، وكلها تتضمن كمال الإنكار وعظيم الاستعباد.
وفي "الفتوحات": يجوز (?) في هذه الجملة الاستفهامية وجهان:
أحدهما: وهو الظاهر: أنها منصوبة المحل لحكايتها بالقول.
والثاني: أنها في محل رفع بدلًا من قولهم، وبه بدأ الزمخشري، وعلى هذا فقولهم بمعنى مقولهم، ويكون بدل كل من كل؛ لأن هذا هو نفس قولهم: و {إِذَا} هنا ظرف محض، وليس فيها معنى الشرط، والعامل فيها مقدر يفسره: {لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} تقديره: أئذا كنا ترابًا نبعث أو نحشر، ولا يعمل فيها {خَلْقٍ جَدِيدٍ}؛ لأن ما بعد {إن} وكذا ما بعد أداة الاستفهام لا يعمل فيما قبلها، ولا يعمل فيها أيضًا {كُنَّا}؛ لإضافتها إليها، والتقدير: أنبعث في خلق جديد وقت كوننا ترابًا.