يَعْقِلُونَ}؛ أي: يستعملون عقولهم في التدبر، وخص التفضيل في الأكل، وإن كانت متفاضلة في غيره؛ لأنه غالب وجوه الانتفاع من الثمرات، ألا ترى إلى تقاربها في الأشكال والألوان والروائح والمنافع، وما يجري مجرى ذلك؛ أي: إن (?) فيما فضل من الأحوال السالفة لآيات باهرة لقوم يعملون على قضية العقل، فمن ير خروج الثمار المختلفة الأشكال والألوان والطعوم والروائح في تلك البقاع المتلاصقة مع أنها تسقى بماء واحد، وتتشابه وسائل نموها .. يجزم حتمًا بأن لذلك صانعًا حكيمًا قادرًا مدبرًا لا يعجزه شيء، وكذلك يعتقد بأن من قدر على إنشاء ذلك؛ فهو قادر على إعادة ما بدأه أول مرة، بل هو أهون منه لدى النظر والاعتبار.
وقرأ عاصم وابن عامر وزيد بن علي ويعقوب (?): {يُسْقَى} - بالياء -؛ أي: يسقى ما ذكر، وباقي العشرة بالتاء، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وأهل مكة، أنثوا لعود الضمير على لفظ ما تقدم، ولقوله: {وَنُفَضِّلُ} بالنون. وحمزة والكسائي بالياء وابن محيصن بالياء في {يُسْقَى} وفي {نُفَضِّلُ}. وقرأ يحيى بن يعمر وأبو حيوة والحلبي عن عبد الوارث شذوذًا: {ويفضل} - بالياء وفتح الضاد - {بعضها} - بالرفع -. قال أبو حاتم: وجدته كذلك في مصحف يحيى بن يعمر، وهو أول من نقط المصاحف، وتقدم في البقرة خلاف القراء في ضم الكاف من الأكل وسكونها، و {الْأُكُلِ} - بضم الهمزة - المأكول، كالنقض بمعنى المنقوض، وبفتحها المصدر.
5 - {وَإِنْ تَعْجَبْ} بتحقيق الباء وإدغامها في الفاء قراءاتان سبعيتان كما في "الخطيب". والعجب: تغير النفس برؤية المستبعد في العادة. وقال القرطبي: العجب: تغير النفس بما تخفي أسبابه، وذلك في حق الله تعالى محال، وإنما ذكر ذلك ليتعجب منه نبيه والمؤمنون. اهـ. "كرخي"؛ أي: وإن تعجب يا محمَّد من تكذيبهم لك بعدما كنت عندهم الصادق الأمين {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}؛ أي: فأعجب منه تكذيبهم بالبعث وقولهم: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا}؛ أي: أنبعث إذا كنا ترابا؟ {أَإِنَّا