[110]

والهمزة في قوله: {أفلا تعقلون} للاستفهام التوبيخي داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف تقديره: أتعرضون يا أهل مكة عن إعمال فكركم في هذا، فلا تعقلون أنها خير لهم من الحياة الدنيا، فتتوسلوا إليها بالإيمان؛ أما إنكم لو عقلتم ذلك لآمنتم. وقرأ الجمهور (?): {أفلا يعقلون} - بالياء - مراعاة لقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا}. وقرأ الحسن وعلقمة والأعرج وعاصم وابن عامر ونافع: {تعقلون} بالتاء على خطاب هذه الأمة تحذيرًا لهم مما وقع فيه أولئك، فيصيبهم ما أصابهم.

110 - ثم ذكر سبحانه وتعالى تثبيتًا لفؤاده عليه السلام أن العاقبة لرسله، وأن نصره تعالى ينزل عليهم حين ضيق وانتظار الفرج كما قال: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} وأن نصره يأتيهم إذا تمادى المبطلون في تكذيبهم، فقال: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} {حَتَّى}: غاية لمحذوف دل عليه السياق تقديره: لا يغررهم (?) تماديهم فيما هم فيه من الراحة والرخاء، فإن من قبلهم أمهلوا حتى إذا استيأس الرسل عن النصر عليهم في الدنيا، أو من إيمانهم لانهماكهم في الكفر مترفهين متمادين فيه من غير رادع {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} قرأ عاصم وحمزة والكسائي بتخفيف الدال المكسورة، والمعنى عليه: وظن القوم أن الرسل قد أخلفوا في وعدهم بالنصر؛ أي: أخلف الله وعده لرسلهم بالنصر، وهذا المعنى منقول عن عائشة رضي الله عنها. وقال الواحدي معناه: وظن الأمم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من نصر الله إياهم، وإهلاك أعدائهم، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد. وقرأ الباقون: بالتشديد.

والمعنى عليه: وظن الرسل وأيقنوا أنهم قد كذبتهم الأمم الذين آمنوا بهم بما جاؤوا به من الله تعالى، وارتدوا عن الإيمان بهم، وهذا المعنى منقول عن عائشة رضي الله عنها، وهو أحسن الوجوه، وقالت: إن البلاء لم يزل من الأنبياء حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015