أي: في درجات، أو بنزع الخافض؛ أي: إلى درجات.

والمعنى (?): أي: نرفع من نشاء درجات كثيرة في العلم والإيمان، نريه وجوه الصواب في بلوغ المراد كما رفعنا درجات يوسف على إخوته في كل شيء. وفي هذا (?) إيماء إلى أن العلم الشريف أشرف المقامات وأعلى الدرجات؛ لأن الله تعالى مدح يوسف ورفع درجته على إخوته بالعلم، وبما ألهمه على وجه الهداية والصواب في الأمور كلها. وقرأ الكوفيون حمزة والكسائي وعاصم وابن محيصن (?): {نَرفَع} - بنون - {دَرَجَاتٍ} - منونًا - {من يشاء} - بالنون -. وباقي السبعة كذلك إلا أنهم أضافوا {دَرَجَاتٍ}. وقرأ يعقوب بالياء في: {يرفع} و {يشاء}؛ أي: يرفع الله تعالى درجات من يشاء رفع درجاته. وقرأ عيسى البصرة شاذًا: {نَرْفَع} - بالنون - {دَرَجَاتٍ} - منونًا - {من يشاء} - بالياء -. قال صاحب "اللوامح": وهذه قراءة مرغوب عنها تلاوة وجملة، وإن لم يمكن إنكارها. وقال ابن عطية، وقرأ الجمهور: {نَرْفَع} على ضمير المعظم، وكذلك {نَشَاءُ}. وقرأ الحسن وعيسى ويعقوب بالياء؛ أي: الله تعالى. انتهى.

{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}؛ أي: وفوق كل صاحب علم من الخلائق {عَلِيمٌ}؛ أي: من هو أوسع وأكثر منه إحاطة بالعلم، وأرفع درجة منه فيه إلى أن يصل الأمر إلى من أحاط بكل شيء علمًا، وهو فوق كل ذي علم. يعني: ليس من عالم إلا وفوقه أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى الله تعالى، وعليم صيغة مبالغة، أو المعنى: وفوق كل ذي علم من العلماء كلهم عليم هم دونه في العلم، وهو الله عَزَّ وَجَلَّ، ذكره النسفي.

وخلاصة ذلك: أن إخوة يوسف كانوا علماء فضلاء إلا أن يوسف كان أعلم منهم. وقرأ عبد الله شاذًا (?): {وفوق كل ذي عالم} فخرَّجت على زيادة ذي، أو على أن قوله: {عالم} مصدر بمعنى علم كالباطل، أو على أن التقدير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015