[77]

وفوق كل ذي شخص عالم. قال ابن الأنباري (?): يجب أن يتهم العالم نفسه، ويستشعر التواضع لمواهب ربه سبحانه وتعالى، ولا يطمع نفسه في الغلبة؛ لأنه لا يخلو عالم من عالم فوقه. انتهى.

77 - ولما خرج الصواع من رحل بنيامين .. افتضح الإخوة ونكسوا رؤوسهم و {قَالُوَا} تبرئة لساحتهم {إِنْ يَسْرِقْ} بنيامين .. فلا عجيب لسرقته {فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ}؛ أي: أخ لبنيامين يريدون به يوسف {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل سرقته الآن، فالسرقة جاءت لهما وراثة من أمهما؛ إذ هما لا ينفردان منا إلا بها. وفي قولهم هذا إيماءٌ إلى أن الحسد لا يزال كامنًا في قلوبهم لاختلاف الأمهات، ولمزيد محبة الأب لهما، وأتوا (?) بـ {إِن} المفيدة للشك؛ لأن ليس عندهم تحقق سرقته بمجرد إخراج الصاع من رحله، وبالمضارع لحكاية الحال الماضية.

وأصح ما قيل في سرقة يوسف (?): ما رواه ابن مردويه عن ابن عباس مرفوعًا قال: "سرق يوسف عليه السلام صنمًا لجده أبي أمه من ذهب وفضة، فكسره وألقاه في الطريق، فعيره بذلك إخوته". وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان أول ما دخل على يوسف عليه السلام من البلاء فيما بلغني أن عمته - وكانت أكبر ولد إسحاق عليه السلام - كانت إليها منطقة إسحاق؛ إذ كانوا يتوارثونها بالكبر، وكان يعقوب حين ولد له يوسف عليه السلام قد حضنته عمته، فكان معها، فلم يحب أحد شيئًا من الأشياء كحبها إياه بحيث لا تصبر عنه، فلما شب أراد يعقوب أن ينزعه منها، فأتاها فقال: يا أخية سلِّمي إلى يوسف، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة، قالت: فوالله ما أنا بتاركته، فدعه عندي أيامًا أنظر إليه لعل ذلك يسليني عنه، فلما خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحاق عليه السلام، فحزمتها على يوسف عليه السلام من تحت ثيابه، ثم قالت: فقدت منطقة إسحاق، فانظروا من أخذها ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015