السارق؛ أي: في حكمه وقضائه إلا بما فعل.

بل كل دين الملك وقضاؤه أن يضرب السارق ويغرم ضعف ما سرقه دون الاستعباد سنة كما هو دين يعقوب وشريعته.

وحاصله: أن يوسف ما كان يتمكن من إجراء حكم يعقوب على أخيه مع كونه مخالفًا لدين الملك وشريعته لولا ما كاد الله له ودبره وأرادوه حتى وجد السبيل إليه؛ وهو ما أجراه على ألسن إخوته من قولهم: إن جزاء السارق الاسترقاق، فكان قولهم هذا هو بمشيئة الله تعالى وتدبيره، وهو معنى قوله: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}؛ أي: لم يكن يوسف يأخذ أخاه في حكم الملك بسبب من الأسباب إلا بسبب مشيئة الله تعالى وهو حكم أبيه، فالاستثناء من أعم الأحوال؛ أي: لم يكن يتمكن من أخذه وضمه إليه في دين الملك بالسرقة التي نسبها إليه في حال من الأحوال إلا حال مشيئته تعالى التي هي عبارة عن إرادته لذلك الكيد، وإلا حال مشيئته للأخذ بذلك الوجه. قال الكواشي: لولا شريعة أبيه لما تمكن من أخذ أخيه. انتهى. ولما كانت هذه الوسيلة إلى تلك الغاية الشريفة منكرة بحسب الظاهر؛ لأنها تهمة باطلة، وكان من شأن يوسف أن يتباعد عنها ويتحاماها إلا بوحي من الله تعالى .. بين أنه فعل ذلك بإذن الله ومشيئته، فقال: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}؛ أي: إنه فعل ذلك بإذن الله ووحيه، لا أنه هو الذي اخترع هذه المكيدة؛ لأن ذلك كله كان إلهامًا من الله ليوسف وإخوته حتى جرى الأمر على وفق المراد.

{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ}؛ أي: نرفع إلى درجات كثيرة ورتب عالية من العلم {مَنْ نَشَاءُ} رفعه في العلم من عبادنا حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة كما رفعنا يوسف على إخوته في العلم، والمعنى: نرفع درجات من نشاء بضروب العلوم والمعارف والعطايا والكرامات كما رفعنا درجة يوسف بذلك. وانتصاب (?) {دَرَجَاتٍ}: إما على المصدرية؛ أي: نرفع رفع درجات، وإما على الظرفية؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015