والنصارى، متوافقان على أنَّ التوراةَ مِن عند الله تعالى بخلاف الإنجيل؛ لأنَّ اليهودَ تُخالِفُ فيه، فكان الاستشهادُ بما تَقُومُ به الحجة على الفريقين أولى.

وأعرب البيضاوي {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى} مبتدأ والجار والمجرور خبرًا.

والمعنى (?): أفمن كان على نور، وبصيرة في دينهِ، ويؤيده نُورٌ غيبيٌّ يشهدُ بصحته، وهو القرآن المشرِق النور والهدي ويؤيده شاهدٌ آخرَ جاء مِنْ قبله، وهو الكتاب الذي أنزل على موسى عليه السلام، حالَ كونه إمامًا متَّبعًا في الهدى والتشريع، ورحمةً لِمَنْ آمن، وعَمِلَ به مِن بني إسرائيل وشهادةُ موسى لهذا النبي الكريم شهادةُ مقال بالبشارة بنبوته، وشهادة حال، وهي التشابه بين رسالتَيْهما؛ أي: أفمن كان على هذه الأوصاف كمَنْ يريد الحياة الدنيا الفانيةَ وزينتَها الموقوتة ويظل محرومًا من الحياة العقلية، والروحية التي تُوصِل إلى سعادة الآخرة الباقية ونحو الآية قوله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}.

وإجمالُ المعنى (?): أفمن كانَ كاملَ الفطرة، والعقل، وعَرَفَ حقيقةَ الوحي، وهو القرآن، وما فيه من نور وهداية وعرَف تأييدَه بالوحي السابق الذي اهتدى به بنو إسرائيل، فتظاهرت لدَيْه الحججُ الثلاثُ في الهداية كمال الفطرة، ونور القرآن، والوحي الذي أنزل على موسى كمَنْ حُرِم من ذلك، وكان هَمُّه مقصورًا على الحياة الفانية ولذاتِها.

والإشارةُ بقوله (?): {أُولَئِكَ} إلى المتصفينَ بتلكَ الصِّفَةِ الفاضلةِ، وهو الكون على البينة من الله، واسم الإشارة مبتدأ، وخبره {يُؤْمِنُونَ بِهِ}؛ أي: يصدقون بالقرآن، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي (?): أولئك الذين جمعوا بين البينة الوهبية، والبينة الكسبية النقلية، يؤمنون بهذا القرآن إيمان يقين، وإذعان على علم بما فيه من الهدى، والفرقان، فيجزمون بأنه ليس بالمفترى من دون الله، ولم يكن من شأنه أن يكون كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015