الرباط المتصدق عليهم، وأين هذا من رجل يتصدَّقُ خفيةً، وعلى مَنْ لا يعرفه، كما جاء في السبعة الذين يُظلهم الله في ظله يوم لا ظِلَّ إلّا ظِلُّه "ورجلٌ تصدَّق بصدقة، فأخفاها حتى لا تَعلم شماله ما تنفق يمينه"، وهذه مبالغة في إخفاء الصدقة جدًّا، وإذا تعلَّم علمًا راءى به، وتبجَّح، وطلَبَ بمعظمه يسيرَ حطام من عرض الدنيا، وقد فَشَا الرياء في هذه الأمة فشوًا كثيرًا، حتى لا تكادُ تَرَى مخلصًا لله لا في قول، ولا في فعل، فهؤلاء من أولِ من تسعَّر بهم النار يوم القيامة، والعياذُ بالله تعالى، والرياءُ هو أن يُظْهِرَ الإنسانُ الأعمالَ الصالحةَ ليحمده الناس عليها، أو ليَعْتَقِدُوا فيه الصلاحَ، أو ليقصدوه بالعطاءِ، فهذا العملُ هو الذي لغير الله تعالى، نعوذ بالله تعالى من الخذلان، اهـ من "الخازن".

وقرأ الجمهور (?): {نُوَفِّ} بنون العظمة، وقرأ طلحة بن ميمون: {يُوفِّ} بالياء على الغيبة، وقرأ زيد بن علي: {يُوفِ} مخففًا مضارعُ أوفى، وقرىء: {تُوف} بالتاء مبنيًّا للمفعول، و {أعمالهم} بالرفع، وهو على هذه القراءات مجزوم جوابَ الشرط كما انجزم في قوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}.

وقرأ الحسن: {نُوفي} بالتخفيف وإثبات الياء، فاحتمل أن يكون مجزومًا بحذف الحركة المقدرة على لغة مَنْ قال:

أَلَمْ يَأتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِيْ

وهي لغةٌ لبعض العرب، واحتملَ أن يكونَ مرفوعًا.

وقرأ زيد بن علي: {وَبَطَلَ} جعلَه فعلًا ماضيًا، وقرأ أُبيٌّ وابن مسعود، و {باطلًا} بالنصب، وخرَّجه صاحب "اللوامح" على أنه مفعول لـ {يَعْمَلُونَ} فهو معمولُ خبر {كَانَ} متقدمًا، و {ما} زائدة؛ أي: وكانوا يعملون باطلًا، وفي جواز هذا التركيب خلافٌ بَيْنَ النحويين، وهو أن يتقدَّم معمول الخبر على الجملة بأسرها مِنْ كَانَ واسمها وخبرها، ويشهد للجواز قوله تعالى: {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015