وعدتكم .. {خَفَّفَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَنْكُمْ} أيها المؤمنون أمر القتال، رفع عنكم ما فيه مشقةٌ {وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} في الأبدان عن قتال عشرة أمثالكم، لا في الإيمان؛ لكثرة العبادة والتعب، فرحمكم الله وأكرمكم بالتخفيف, وأيضًا علم الله سبحانه وتعالى ضعف من يأتي بعد الصدر الأول عن القتال، فخفف الله عن الجميع {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ}؛ أي: يوجد منكم {مِائَةٌ صَابِرَةٌ} على شدائد القتال {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}؛ أي: يتغلبوا على مئتين من الكفار {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ}؛ أي: وإن يوجد منكم ألف صابرون في ساحة القتال .. {يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} أي: يتغلبوا على ألفين من الأعداء. وقوله: {بِإِذْنِ اللَّهِ}؛ أي: بإرادته وتيسيره: متعلقٌ بـ {يَغْلِبُوا} في الموضعين , وهو خيرٌ بمعنى الأمر؛ أي: فليثبت الواحد منكم لرجلين من الكفار، وقد استمر هذا الأمر إلى يوم القيامة. {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} على مشاق التكاليف بنصره ومعونته, فكيف لا يغلبون؟ قال (?) سفيان: قال ابن شبرمة: وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل ذلك.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لمَّا نزلت {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} الآية .. شقَّ ذلك على المسليمن حين فرض عليهم أن لا يفرَّ الواحد من عشرة، فجاء التخفيف فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} قال: فلمَّا خفف الله عنهم من العدة .. نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.
وبهذا الحديث استدل العلماء على وجوب ثبات الواحد المسلم إذا قاوم رجلين من الكفار، وتحريم الفرار عليه منهما، سواء طلباه أو طلبهما، وسواء وقع ذلك وهو واقفٌ في الصف مع العسكر , أو لم يكن هناك عسكرٌ.
والخلاصة: أنّ أقل حال للمؤمنين مع الكفار في القتال أن ترجح المئة