[53]

53 - {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا ...} إلخ، إلى العقاب الذي أنزله الله بهم، وهو مبتدأ، وخبره: ما بعده، والجملة جاريةٌ مجرى التعليل لما حلَّ بهم من عذاب الله، والمعنى: ذلك الذي ذكر من أخذه لقريش بكفرها بنعم الله عليها؛ إذ بعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياته فكذبوه وأخرجوه من بينهم وحاربوه .. كأخذه للأمم قبلهم بذنوبهم؛ أي: تعذيب الكفرة بما قدمت أيديهم حاصلٌ بسبب أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يكن مغيرًا ومبدِّلًا بنقمةٍ {نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ}؛ أي: لم يكن مبدلًا نعمة أنعم بها على قوم كائنًا من كان، كالعقل وإزالة الموانع؛ أي: لم يكن مبدِّلًا إياها بنقمةٍ {حَتَّى يُغَيِّرُوا}؛ أي: حتى يغيِّر ويبدِّل أولئك القوم {مَا بِأَنْفُسِهِمْ} من الأحوال؛ أي: ما لهم من الحال إلى حال أسوأ منه، فإذا صرفوا تلك النعمة إلى الفسق والكفر .. فقد غيَّروا نعمة الله تعالى على أنفسهم، فاستحقوا تبديل النعم بالنقم، والمنح بالمحن، يعني: أنَّ (?) الله سبحانه وتعالى أنعم على أهل مكة بأن أطعمهم من جوع، وأمنهم من خوف، وبعث إليهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فقابلوا هذه النعمة بأن تركوا شكرها، وكذبوا رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وغيروا ما بأنفسهم، فسلبهم الله سبحانه وتعالى النعمة وأخذهم بالعقاب، قال السدي: نعمة الله: هو محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - أنعم به على قريش، فكفروا به وكذَّبوه، فنقله الله تعالى إلى الأنصار.

وقولنا: إلى حال أسوأ منه: إشارةٌ (?) إلى دفع ما يقال من أن آل فرعون ومشركي مكة لم يكن لهم حالٌ مرضية حتى يقال أنهم غيَّروها إلى حال مسخوطة، فغير الله نعمته عنهم إلى النقمة، وتقرير الدفع: أنَّ قوله: {مَا بِأَنْفُسِهِمْ} يعم الحال المرضية والقبيحة، فكما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة .. كذلك تغير الحال المسخوطة إلى ما هو أسوأ منها، وأولئك كانوا قبل بعثة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كفرةً عبدة أصنام، فلمَّا بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالآيات البينات .. كذبوه وعادوه وتحزبوا على إراقة دمه، فغير الله نعمة إمهالهم بمعاجلتهم بالعذاب، هذا حاصل ما في "الكشاف"، اهـ "زاده".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015