هؤلاء بالقتل والأسر يوم بدر، كما جوزي آل فرعون بالإغراق.

وأصل الدأب في اللغة (?): إدامة العمل، يقال: فلان يدأب في كذا وكذا؛ أي: يداوم عليه، ويتعب نفسه فيه، ثم سميت العادة دأبا؛ لأنَّ الإنسان يداوم على عادته ويواظب عليها.

قال ابن عباس: معناه: إن آل فرعون أيقنوا أن موسى عليه السلام رسولٌ من الله تعالى فكذبوه، فكذلك هؤلاء لمَّا جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - بالصدق .. كذبوه، فأنزل الله بهم عقوبته، كما أنزل بآل فرعون. وجملة قوله: {كفروا بآيات الله} مفسرةٌ لدأب آل فرعون؛ أي: دأبهم هذا هو أنَّهم كفروا بآيات الله؛ أي: أنكروا الدلائل الإلهية.

والمعني (?): عادة كفار قريش فيما فعلوه من الكفر، وفيما فعل بهم من العذاب كعادة آل فرعون وقوم نوح وعاد وثمود وأضرابهم من الأمم الماضية، الذين من عادتهم أنهم كفروا بآيات الله الكونية، والمنزلة على رسله، وأنكروها.

{فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ}؛ أي: فأخذ الله سبحانه وتعالى تلك الأمم الماضية وأهلكها متلبسين بذنوبهم غير تائبين عنها؛ أي: أخذهم أخذ عزيز مقتدر، ولم يظلم أحدًا منهم مثقال ذرة، ونصر رسله والمؤمنين بهم، وكما كانت سننه تعالى في أولئك الماضين أن أخذهم بذنوبهم .. فسنته في هؤلاء المشركين كذلك؛ فقد نصر رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في بدر، وأهلك هؤلاء المشركين بذنوبهم. وجملة قوله: {إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} معترضة (?) مقررة لمضمون ما قبلها؛ أي: إن الله سبحانه وتعالى قويٌّ لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب، شديد العقاب لمن استحق عقابه وكفر بآياته وجحد حججه، وقد جعل لكل شيءٍ أجلا.

وروى البخاري ومسلم وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه .. لم يفلته". والإشارة بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015