[43]

الصادرة عن عقيدة، والأعذار التي يعتذر بها عن تقصيره في أعماله، ويعلم ما يكنُّه من ذلك ومن غيره، ويجازي كلًّا بحسب ما يسمع ويعلم.

والخلاصة: (?) أنَّ غزوة بدر قامت بها الحجة البالغة للمؤمنين بنصرهم - كما بشرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحجته البالغة على الكافرين بخذلانهم وانكسارهم - كما أنذرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا مجال في ذلك للمكابرة والتأويل.

وختم بهاتين الصفتين؛ لأنَّ الكفر والإيمان يستلزمان النطق باللسان، والاعتقاد بالجَنَانِ، فهو سميع لأقوالكم، عليم بنياتكم.

43 - {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ}؛ أي: واذكر يا محمَّد نعمة الله عليك؛ إذ يريك المشركين {فِي مَنَامِكَ}؛ أي: في نومك قبل يوم بدر {قَلِيلًا} عددهم مع كثرتهم، وقال أبو حيان: والمراد بالقلة هنا قلة القدر واليأس والنجدة، وأنهم مهزومون مصروعون، ولا يحمل على قلة العدد؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - رؤياه حق، وقد كان علم أنهم ما بين تسع مئة إلى ألف، فلا يمكن حمل ذلك على قلة العدد. انتهى.

قال مجاهد (?): أراهم الله في منامه قليلًا، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك، وكان ذلك تثبيتًا. وقال محمَّد بن إسحاق: فكان ما أراه الله من ذلك نعمةً من نعمه عليهم، يشجعهم بها على عدوهم، فكف عنهم بها ما تخوف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم.

وقيل: لما أُري النبي - صلى الله عليه وسلم - كفارَ قريش في منامه قليلًا، فأخبر بذلك أصحابه .. قالوا: رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - حق، فصار ذلك سببًا لجرائتهم على عدوهم، وقوةً لقلوبهم. وقال الحسن: إن هذه الإراءة كانت في اليقظة، والمراد من المنام: العين؛ لأنها موضع النوم. قال الزجاج: هذا مذهب حسن، ولكن الأول أسوغ في العربية؛ لقوله: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ ...} إلخ، فدل بهذا على أنَّ هذه رؤية الالتقاءة واليقظة، وأن تلك رؤية النوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015