وقيل: الظرف في {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ}: متعلق بـ {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} المذكورين قبله، والمعنى (?): حينئذٍ: إنَّ الله سبحانه وتعالى سميع لما يقول أصحابك، عليم بما يضمرونه، إذ يريك الله عدد عدوك وعدوهم قليلًا في الرؤيا المنامية، فتخبر بها المؤمنين، وتطمئن قلوبهم، وتقوي آمالهم بالنصر.، فيجترئون عليهم.
{وَلَوْ أَرَاكَهُمْ}؛ أي: ولو أراك يا محمَّد المشركين في منامك {كَثِيرًا} عددهم، وذكرت ذلك لأصحابك .. {لَفَشِلْتُمْ}، أي: لجبنتم، ولتأخرتم عن حربهم وقتالهم؛ أي: لو أراكهم كثيرًا .. لذكرته لأصحابك، ولو سمعوا ذلك .. لجبنوا {وَلَتَنَازَعْتُم} معطوف على ما قبله عطف سبب على مسبب، وسيذكر مقدمًا في قوله الآتي: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا}؛ أي: ولاختلفتم في أمر القتال، ولتفرقت آراؤكم في الفرار والثبات. وانظر إلى محاسن القرآن، فإنه لم يسند الفشل إليه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه معصوم، بل قال: {لَفَشِلْتُمْ} إشارةً إلى أصحابه؛ أي: (?) ولو أراك ربك عدوك وعدوهم كثيرًا .. لفشل أصحابك وخافوا، ولم يقدروا على حرب القوم، ولوقع بينهم النزاع وتفرق الآراء في أمر القتال؛ إذ منهم القوي الإيمان والعزيمة، فيطيع الله ورسوله ويقاتل، ومنهم الضعيف الذي يثبط عن القتال، بمثل الأعذار التي جادلوا بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما تقدم في قوله: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ}.
وعبارة "الخازن" هنا قوله: {وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ} يعني: اختلفتم في أمر الإقدام عليهم، أو الإحجام عنهم، وقيل: معنى التنازع في الأمر: الاختلاف الذي تكون معه مخاصمة ومجادلة ومجاذبة كل واحد إلى ناحية، والمعنى: لاضطرب أمركم واختلفت كلمتكم. انتهت.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {سَلَّمَ}؛ أي: سلمكم، وحفظكم من التنازع والمخالفة فيما بينكم، وقيل: معناه: ولكن الله تعالى سلمكم وعصمكم