الطائفتين أن يقع هذا الاتفاق على هذه الصفة.

واللام في {لِيَقْضِيَ} متعلقة بمحذوف، كما قدَّرنا آنفًا بقولنا: ولكن جمعهم ليقضي. وجملة قوله: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}: بدلٌ من الجملة التي قبلها، أعني: ليقضي؛ أي: جمع الله بينكم؛ ليموت من مات عن بينةٍ رآها، وعبرةٍ عاينها، وحجةٍ قامت عليه، ويعيش من عاش عن بينة رآها، وعبرة شاهدها، وحجة عليه؛ لئلا يكون له حجةٌ ومعذرةٌ. وقيل: الهلاك والحياة مستعاران للكفر والإسلام؛ أي: ليصدر إسلام من أسلم عن وضوح ويقين بأنه دين الحق، ويصدر كفر من كفر عن وضوح وبينة، لا عن مخالجة شبهةٍ، وقال قتادة: ليضل من ضلَّ عن بينة، ويهتدي من اهتدى على بينة، وفي "الفتوحات": {لِيَهْلِكَ} (?)؛ أي: يدوم على الهلاك؛ أي: الكفر {وَيَحْيَى}؛ أي: يدوم على الحياة، أي: الإيمان. انتهى.

والخلاصة: فعل ذلك بكم؛ ليترتب على قضاء هذا الأمر أن يهلك من الكفار من هلك عن حجةٍ بينةٍ، واضحةٍ، مشاهدةٍ بالبصر على حقية الإِسلام، بإنجاز وعده لرسوله ومن معه من المؤمنين، بحيث تنتفي الشبهة، ولا يكون هناك مجالٌ للاعتذار عند الله عن إجابة الدعوة، ويعيش من يعيش من المؤمنين عن حجة شاهدها وعاينها، فيزداد يقينًا بالإيمان، ونشاطًا في الأعمال.

وقرأ الأعمش، وعصمة عن أبي بكر عن عاصم (?): {لِيَهْلِك} بفتح اللام.

وقرأ نافع وخلف وسهل ويعقوب والبزيّ وأبو بكر: {مَنْ حَيّ} بيائين على الأصل. وقرأ الباقون بياء واحدة على الإدغام، وهو اختيار أبي عبيد؛ لأنها كذلك وقعت في المصحف، والفك والإدغام لغتان مشهورتان.

{وَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَسَمِيعٌ} بكفر الكافرين، وإيمان المؤمنين {عَلِيمٌ} بكفرهم وإيمانهم، لا يخفى عليه شيء من أقوال الكافرين والمؤمنين، ولا من عقائدهم وأفعالهم، فهو يسمع ما يقول كل فريق منهم من الأقوال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015