معرفة كنهها إلا بعد أن مضى على نزولها نحو أربعة عشر قرنا، وتقّدم فنّ الطيران، الآن علم الطيارين بالتجربة صدق ما جاء في كتابك، ودل على صحة ما ثبت في علم الطبيعة من اختلاف الضغط الجوي في مختلف طبقات الهواء، وقد علم الآن أن الطبقات العليا أقل كثافة في الهواء من الطبقات التي هي أسفل منها، وأنه كلما صعد الإنسان إلى طبقة أعلى شعر بالحاجة إلى الهواء وبضيق في التنفس نتيجة لقلة الهواء الذي يحتاج إليه حتى لقد يحتاجون أحيانا إلى استعمال جهاز التنفس؛ ليساعدهم على السير في تلك الطبقات.

وهذه الآيات وأمثالها لم يستطع العلماء أن يفسروها تفسيرا جليا؛ لأنهم لم يهتدوا لسرها، وجاء الكشف الحديث وتقدم العلوم، فأمكن شرح مغزاها وبيان المراد منها بحسب ما أثبته العلم، ومن هذا صح قولهم: الدين والعلم صنوان لا عدوان، وهكذا كلما تقدم العلم أرشد إلى إيضاح قضايا خفي أمرها على المتقدمين من العلماء والمفسرين.

وخلاصة معنى الآية (?): فمن يرد الله أن يهديه قوّى في قلبه ما يدعوه إلى الإيمان؛ بأن اعتقد أن نفعه زائد وخيره راجح وربحه ظاهر، فمال طبعه إليه وقويت رغبته في حصوله وحصل في القلب استعداد شديد لتحصيله، ومن يرد أن يضله ألقى في قلبه ما يصرفه عن الإيمان ويدعوه إلى الكفر بأن اعتقد أن شر الإيمان زائد وضرره راجح، فعظمت النفرة عنه، فإن الكافر إذا دعي إلى الإسلام شق عليه جدا، كأنه كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه، ولا يقدر على ذلك، أو المعنى: كان قلب الكافر يصعد إلى السماء تكبرا عن قبول الإسلام.

وقرأ ابن كثير (?): {ضَيِّقًا} - بالتخفيف - مثل هين ولين، وقرأ الباقون بالتشديد، وهما لغتان، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم: {حَرِجًا} - بكسر الراء -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015