[126]

ومعناه الضيق، فيكون تأكيدا لما قبله، وقرأ الباقون: {حرجا} - بفتح الراء - جمع حرجة، وهي شدة الضيق. وقرأ ابن كثير: كأنما يصعد - بالتخفيف من الصعود - وقرأ النخعي: {يصّاعد} - بتشديد الصاد مع الألف - وأصله يتصاعد، وقرأ الباقون: {يَصَّعَّدُ} - بالتشديد بدون ألف - وأصله يتصعد. وقرأ ابن مسعود وطلحة: {تصعد} - بتاء من غير ألف - وقرأ أبي بن كعب: {يتصاعد} بتاء وألف.

{كَذلِكَ}؛ أي: كما جعل الله سبحانه وتعالى صدر من أراد إضلاله ضيقا حرجا بالإسلام {يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ}؛ أي: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة {عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} بآيات الله ويعرضون عن الإيمان بها، أو يسلط الله الشيطان عليهم، فيظهر أثر ذلك في تصرفاتهم وأعمالهم، فيكون غالبا قبيحا سيئا في ذاته، أو فيما بعث عليه من قصد ونية؛ لأن الإيمان الذي اجتنبوه هو الذي يصد عنه ويطهر الأنفس منه.

126 - {وَهذا} الإسلام الذي يشرح له صدر من أراد هدايته هو {صِراطُ رَبِّكَ} الذي بعثك به، وبين لك أصوله وعقائده بالبراهين الواضحة والبينات الظاهرة حالة كونه {مُسْتَقِيمًا} في نظر العقول الراجحة والفطر السليمة بعيدا من الإفراط والتفريط، فلا اعوجاج فيه ولا التواء، بل هو السبيل السوي وما عداه من الملل والنحل فهو معوج ملتو بما فيه من زيغ وفساد، وخروج عن الجادة التي يؤيدها العقل، وتستند إلى النقل، كما قال عليّ - كرم الله وجهه - في نعت القرآن: هو الصراط المستقيم، وحبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم. {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ}؛ أي: قد فسرنا آيات القرآن وأوضحناها، وبيناها بالوعد والوعيد، والثواب والعقاب، والحلال والحرام، والأمر والنهي وغير ذلك {لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}؛ أي: لقوم يتذكرون بها ويتعظون بما فيها من المواعظ والعبر، فيؤمنون بها فيزدادون بذلك يقينا ورسوخا في الإيمان كما يزدادون موعظة تبعثهم على الإذعان والعمل الصالح؛ وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وخصوا بالذكر؛ لأنهم المنتفعون بها، وفيه إدغام التاء في الأصل في الذال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015