حرصا على رياستهم وفسقهم وفسادهم .. لم يكونوا يشعرون بأن عاقبة مكرهم تحيق بهم لجهلهم بسنن الله في خلقه، وهم خليقون بهذا الجهل. وأما في الآخرة فالأمر واضح والنصوص متظاهرة على ذلك. وهذه الجملة متضمنة لوعيد الماكرين من مجرمي أهل مكة، وفيها وعد وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
124 - {وَإِذا جاءَتْهُمْ}؛ أي: وإذا جاءت مشركي العرب كالوليد بن المغيرة وعبد ياليل وأبي مسعود الثقفي {آيَةٌ} من القرآن تأمرهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتخبرهم بصنيعهم {قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ}؛ أي: قالوا: لن نصدقك {حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} سبحانه وتعالى؛ أي: حتى يوحى إلينا ويأتينا جبريل، فيخبرنا أنك رسول الله، وأنك صادق. قال تعالى ردا عليهم: {اللَّهِ} سبحانه وتعالى: {أَعْلَمُ}؛ أي: عالم {حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ}؛ أي: الموضع الذي يجعل فيه رسالته؛ أي: أعلم من يليق برسالته؛ أي: بإرسال جبريل إليه لأمر من الأمور، وهذا إعلام بأنهم لا يستحقون ذلك التشريف، وهذا (?) المعنى قول الحسن، ومنقول عن ابن عباس.
[معنى آخر للآية:] وقيل معنى الآية: وإذا جاءتهم آية على صدق النبي صلى الله عليه وسلم .. قالوا: لن نؤمن برسالته أصلا حتى نؤتى نحن من الوحي والنبوة مثل إيتاء رسل الله. قال تعالى:
إنه تعالى يعلم من يستحق الرسالة، فيشرفه بها ويعلم من لا يستحقها، وأنتم لستم أهلا لها، ولأن النبوة لا تحصل لمن يطلبها، خصوصا لمن عنده حسد ومكر وغدر.
[معنى آخر للآية أيضا:] وقيل المعنى (?): وإذا جاءت أولئك المشركين آية بينة من القرآن تتضمن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن ربه من التوحيد والهدى .. قالوا: لن نؤمن إلا إذا أتى على يديه من الآيات الكونية التي يؤيده الله بها مثل ما أوتي رسل الله كفلق البحر لموسى، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى لعيسى. وقال ابن