الدنيا ولا في الآخرة، لعدم انحصاره في بصرهم: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
فصل في البحث عن رؤية الله سبحانه وتعالى
وفي "الخازن" قال (?): جمهور المفسرين معنى الإدراك: الإحاطة بكنه الشيء وحقيقته، والأبصار ترى الباري سبحانه وتعالى ولا تحيط به، كما أن القلوب تعرفه ولا تحيط به. وقال سعيد بن المسيب في تفسير قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} لا تحيط به الأبصار. وقال ابن عباس: كلت أبصار المخلوقين عن الإحاطة به، وقد تمسك بظاهر هذه الآية قوم من أهل البدع، وهم الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة، وقالوا: إن الله تبارك وتعالى لا يراه أحد من خلقه، وإن رؤيته مستحيلة عقلًا؛ لأن الله أخبر أن الأبصار لا تدركه، إدراك البصر عبارة عن الرؤية، إذ لا فرق بين قولك أدركته ببصري، ورأيته ببصري، فثبت بذلك أن قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} بمعنى: لا تراه الأبصار، وهذا يفيد العموم. ومذهب أهل السنة: أن المؤمنين يرون ربهم في عرصات القيامة، وفي الجنة، وإن رؤيته غير مستحيلة عقلًا. واحتجوا لصحة مذهبهم بتظاهر أدلة الكتاب والسنة والإجماع من الصحابة ومن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تبارك وتعالى للمؤمنين في الآخرة، قال الله تعالى: {وجوه يومئذ إلى ربها ناظرة} ففي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه في الآخرة إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث.
{وَهُوَ} سبحانه وتعالى {يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}؛ أي: يرى الأبصار ويحيط بها، ويبلغ كنهها, لا تخفى عليه منها خافية، وخص (?) الأبصار بالذكر ليجانس ما قبله، وإلا فهو يدرك الأبصار وغيرها من الأشياء.
وقال الزجاج: في هذا دليل على أن الخلق لا يدركون الأبصار؛ أي: لا يعرفون كيفية حقيقة البصر، وما السبب الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون