[103]

أي: فبسبب كونه موصوفًا بالأوصاف السابقة ومستجمعا لها، وحدوه بالعبادة، ولا تشركوا به شيئًا من مخلوقاته، يعني: من كانت هذه صفاته .. فهو الحقيق بالعبادة فاعبدوه، ولا تعبدوا غيره ممن ليس له من هذه الصفات العظيمة شيء {وَهُوَ} سبحانه وتعالى مع تلك الصفات الجليلة الشأن {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من المخلوقات {وَكِيلٌ}؛ أي: رقيب على أعمالهم حافظ لها، فيجازيهم عليها، فيجب على كل مكلف أن يعلم أنه لا حافظ إلا الله، ولا مصلح للمهمات إلا الله، فحينئذ ينقطع طمعه عن كل ما سواه، ولا يرجع في مهم من المهمات إلا إليه تعالى، ويقال: أي: كفيل بأرزاق خلقه. وقيل: معناه موكول إليه جميع الأمور، متول عليها، يدبر ملكه بعلمه وحكمته، فيرزق عباده ويكلؤهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية.

والخلاصة (?): أنه لا حافظ إلا الله، ولا قاضي للحاجات إلا هو، فعلينا أن نقطع أطماعنا عن كل ما سواه، ولا نلجأ في المهمات إلا إليه سبحانه وتعالى.

103 - {لَا تُدْرِكُهُ} سبحانه وتعالى ولا تراه {الْأَبْصَارُ} جمع بصر، وهو حاسة النظر، أي القوة الباصرة، وقد يقال: للعين من حيث إنها محلها، أي محلُّ الحاسة، أي لا تراه أبصار الخلائق في الدنيا، وبهذا يعلم أنه لا تنافي بين هذه الآية وبين الأحاديث الصحيحة الدالة على رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة. فقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب" فالمؤمنون يرونه في الآخرة لهذه الأحاديث، ولقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}. وأما الكافرون .. فهم يومئذ محجوبون عن ربهم، كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}.

وقيل: معناه لا تراه الأبصار رؤية إحاطة تعرف بها كنهه وحقيقته عَزَّ وَجَلَّ، وعلى هذا القول يكون نفي الإدراك على عمومه، فلا يحيط به بصر أحد لا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015